شعر أو كهانة، مما يمكرون: مما يحتالون بالخدع في الصّد عن سبيل الله، من أراد الإيمان بك، والتصديق بما أنزل الله إليك.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامَّة قرّاء العراق (وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ) بفتح الضَّاد في الضيق على المعنى الذي وصفت من تأويله. وقرأه بعض قرّاء أهل المدينة (وَلا تَكُ فِي ضِيقٍ) بكسر الضاد.
وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندنا قراءة من قرأه في ضَيْقٍ، بفتح الضاد، لأن الله تعالى إنما نهى نبيه ﷺ أن يَضيق صدره مما يلقى من أذى المشركين على تبليغه إياهم وحي الله وتنزيله، فقال له (فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ) وقال: (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنزلَ عَلَيْهِ كَنز أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ)، وإذ كان ذلك هو الذي نهاه تعالى ذكره، ففتح الضاد هو الكلام المعروف من كلام العرب في ذلك المعنى، تقول العرب: في صدري من هذا الأمر ضيق، وإنما تكسر الضاد في الشيء المعاش، وضيق المسكن، ونحو ذلك؛ فإن وقع الضَّيق بفتح الضاد في موضع الضِّيق بالكسر. كان على الذي يتسع أحيانا، ويضيق من قلة أحد وجهين، إما على جمع الضيقة، كما قال أعشى بني ثعلبة:
فَلَئِنْ رَبُّكَ مِنْ رَحْمَتِهِ | كَشَف الضَّيْقَةَ عَنَّا وَفسَحْ (١) |
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨) ﴾