القول في تأويل قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١) ﴾
قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: يعني تعالى ذكره بقوله تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا) تنزيها للذي أسرى بعبده وتبرئة له مما يقول فيه المشركون من أنَّ له من خلقه شريكا: وأن له صاحبة وولدا، وعلوّا له وتعظيما عما أضافوه إليه، ونسبوه من جهالاتهم وخطأ أقوالهم.
وقد بيَّنت فيما مضى قبل، أن قوله: سبحان: اسم وُضع موضع المصدر، فنصب لوقوعه موقعه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وقد كان بعضهم يقول: نصب لأنه غير موصوف، وللعرب في التسبيح أماكن تستعمله فيها، فمنها الصلاة، كان كثير من أهل التأويل يتأوّلون قول الله (فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ) : فلولا أنه كان من المصلين. ومنها الاستثناء، كان بعضهم يتأول قول الله تعالى (ألَمْ أقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ) : لولا تستثنون، وزعم أن ذلك لغة لبعض أهل اليمن، ويستشهد لصحة تأويله ذلك بقوله (إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ) (قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ) فذكرهم تركهم الاستثناء. ومنها النور، وكان بعضهم يتأوّل في الخبر الذي رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: "لَولا ذلكَ لأحْرَقَتْ سُبُحاتُ وَجْهِهِ ما أدْرَكَتْ مِنْ شَيْء" أنه عنى بقوله سبحات وجهه: نور وجهه.
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ)، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق،