تفجيرا بأرضنا هذه التي نحن بها خلالها، يعني: خلال النخيل والكروم، ويعني بقوله (خِلالَهَا تَفْجِيرًا) بينها في أصولها تفجيرا بسبب أبنيتها.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا (٩٢) ﴾
اختلفت القرّاء في قراءة قوله (كِسَفا) فقرأته عامّة قرّاء الكوفة والبصرة بسكون السين، بمعنى: أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا، وذلك أن الكِسف في كلام العرب: جمع كِسْفة، وهو جمع الكثير من العدد للجنس، كما تجمع السِّدْرة بسِدْر، والتمر بتمر، فحُكي عن العرب سماعا: أعطني كِسفة من هذا الثوب: أي قطعة منه، يقال منه: جاءنا بثريد كسف: أي قطع خبز، وقد يحتمل إذا قرئ كذلك "كِسْفا" بسكون السين أن يكون مرادا به المصدر من كسف (١). فأما الكِسَف بفتح السين، فإنه جمع ما بين الثلاث إلى العشر، يقال: كِسَفة واحدة، وثلاث كِسَف، وكذلك إلى العشر، وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل المدينة وبعض الكوفيين (كِسَفا) بفتح السين بمعنى: جمع الكِسْفة الواحدة من الثلاث إلى العشر، يعني بذلك قِطَعا: ما بين الثلاث إلى العشر.
وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندي قراءة من قرأه بسكون السين، لأن الذين سألوا رسول الله ﷺ ذلك، لم يقصدوا في مسألتهم إياه ذلك أن يكون بحدّ معلوم من القطع، إنما سألوا أن يُسقط عليهم من السماء قِطَعا، وبذلك جاء التأويل أيضا عن أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (كِسْفا) قال: السماء جميعا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

(١) مصدر الفعل كسف يكسف (كضرب يضرب) هو الكسف، بفتح الكاف وسكون السين (اللسان).


الصفحة التالية
Icon