١٤٨٣ - قال معمر : وأخبرني الزهري، عن ابن المسيب أنه قيل له :« أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك » ثم قال أبو هارون : عن أبي سعيد الخدري في حديثه قال النبي ﷺ : ثم جيء بالمعراج الذي كانت تعرج فيه أرواح بني آدم، فإذا أحسن ما رأيت، ألم تروا إلى الميت كيف يحدج ببصره إليه، فعرج بنا فيه حتى انتهينا إلى باب السماء الدنيا، فاستفتح جبريل فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل، قيل ومن معه ؟، قال : محمد، قيل : أوقد أرسل إليه ؟ قال : نعم، ففتحوا لي وسلموا علي، وإذا ملك موكل يحرس السماء يقال له : إسماعيل معه سبعون ألف ملك مع كل ملك مائة ألف، ثم قرأ : وما يعلم جنود ربك إلا هو وإذا أنا برجل كهيئته يوم خلقه الله لم يتغير منه شيء، وإذا هو تعرض عليه أرواح ذريته، فإذا كان روح مؤمن، قال : روح طيب وريح طيبة اجعلوا كتابه في عليين، وإذا كان روح كافر، قال : روح خبيث وريح خبيثة اجعلوا كتابه في سجين، فقلت : يا جبريل من هذا ؟، قال : أبوك آدم، فسلم علي ورحب بي، وقال : مرحبا الابن الصالح، ثم نظرت فإذا أنا بقوم لهم مشافر كمشافر الإبل، وقد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ثم يجعل في أفواههم صخرة من نار تخرج من أسافلهم، فقلت : يا جبريل من هؤلاء ؟ فقال : هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا، قال : ثم نظرت فإذا أنا بقوم يحذى من جلودهم ويدس في أفواههم، ويقال لهم : كلوا كما أكلتم، فإذا أكره ما خلق الله لهم ذلك، قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الهمازون الذين يأكلون لحوم الناس، ثم نظرت وإذا بقوم على مائدة لحم مشوي كأحسن ما رأيت من اللحم، وإذا حولهم جيف منتنة فجعلوا يميلون على الجيف (١) يأكلون منها ويدعون ذلك اللحم، فقلت : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الزناة عمدوا إلى ما حرم الله عليهم وتركوا ما أحل الله لهم، ثم نظرت، وإذا أنا بقوم لهم بطون مثل البيوت وهم على سابلة آل فرعون، فإذا مر بهم آل فرعون، يميل بأحدهم بطنه فيقع فتتوطأه آل فرعون بأرجلهم وهم يعرضون على النار غدوا وعشيا، قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء أكلة الربا في بطونهم، فمثلهم كمثل الذي يتخبطه (٢) الشيطان من المس، ثم نظرت فإذا نساء معلقات بثديهن ونساء بأرجلهن، قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هن اللاتي تزنين وتقتلن أولادهن، ثم صعدنا إلى السماء الثانية فإذا أنا بيوسف وحوله تبع كثير من أمته ووجهه مثل القمر ليلة البدر، فسلم علي ورحب بي، ثم مضينا إلى السماء الثالثة، فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى يشبهان أحدهما ثيابهما وشعورهما، فسلما علي ورحبا بي، ثم مضينا إلى السماء الرابعة فإذا أنا بإدريس، فسلم علي ورحب بي، فقال ﷺ : وقد قال الله تعالى : ورفعناه مكانا عليا، ثم مضينا إلى السماء الخامسة، فإذا أنا بهارون المحبب في قومه وحوله تبع كثير من أمته، فوصفه النبي ﷺ : طويل اللحية تكاد لحيته تمس سرته، فسلم علي ورحب بي، ثم مضينا إلى السماء السادسة، فإذا أنا بموسى فسلم علي ورحب بي فوصفه النبي ﷺ فقال : رجل كثير الشعر لو كان عليه قميصان خرج شعره منهما، فقال موسى : يزعم الناس أني أكرم الخلق على الله، وهذا أكرم مني على الله، ولو كان وحده لم أبال ولكن كل نبي ومن تبعه من أمته، ثم مضينا إلى السماء السابعة، فإذا أنا بإبراهيم، وهو جالس مسند ظهره إلى البيت المعمور، فسلم علي، وقال : مرحبا بابني الصالح، قال : إن هذا مكانك ومكان أمتك، ثم تلا : إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين، قال : ثم دخلت البيت المعمور فصليت فيه، فإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون فيه إلى يوم القيامة، ثم نظرت فإذا أنا بشجرة إن كانت الورقة منها لمغطية هذه الأمة، وإذا في أصلها عين تجري فانشعبت شعبتين، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : أما هذا فهو نهر الرحمة وأما هذا فهو نهر الكوثر الذي أعطاكه الله، فقال : فاغتسلت في نهر الرحمة فغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر، ثم أخذت على الكوثر حتى دخلت الجنة فإذا فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وإذا فيها رمانة كأنها جلود الإبل المقتبة، وإذا فيها طير كأنها البخت (٣) « فقال أبو بكر : يا رسول الله، إن تلك الطير لناعمة، قال :» آكلها أنعم منها يا أبا بكر إني لأرجو أن تأكل منها، قال : ورأيت جارية فسألتها لمن أنت ؟ فقالت : لزيد بن حارثة فبشر بها رسول الله ﷺ زيدا ثم إن الله تبارك وتعالى أمرني بأمره وفرض علي خمسين صلاة فمررت على موسى، فقال : بم أمرك ربك ؟، قلت : فرض علي خمسين صلاة، قال : فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فإن أمتك لا يقومون بهذا فرجعت إلى ربي فسألته فوضع عني عشرا، ثم رجعت إلى موسى فلم أزل أرجع إلى ربي إذا مررت بموسى حتى فرض علي خمس صلوات، فقال لي موسى : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فقلت : لقد رجعت حتى استحييت، أو قال : قلت : ما أنا براجع، قال : فقيل لي : إن لك بهذه الخمس صلوات خمسين صلاة، الحسنة بعشرة أمثالها، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، ومن عملها كتبت عشرا، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب عليه شيء فإن عملها كتبت واحدة «

(١) الجيف : جمع جيفة وهي جثة الميتة إذا أنتن
(٢) يتخبطه : يصرعه ويلعب به
(٣) البُخْتِية : الأنثى من الجِمال البُخْت، والذكر بُخْتِيٌّ، وهي جِمال طِوَال الأعناق


الصفحة التالية
Icon