وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَرًا (٣٤) }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واضرب يا محمد لهؤلاء المشركين بالله، الذين سألوك أن تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه، (مَثَلا) مثل (رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ) أي جعلنا له بستانين من كروم (وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ) يقول: وأطفنا هذين البستانين بنخل. وقوله: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا) يقول: وجعلنا وسط هذين البستانين زرعا، وقوله: (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا) يقول: كلا البستانين أطعم ثمره وما فيه من الغروس من النخل والكرم وصنوف الزرع. وقال: كلتا الجنتين، ثم قال: آتت، فوحَّد الخبر، لأن كلتا لا يفرد واحدتها، وأصله كلّ، وقد تفرد العرب كلتا أحيانا، ويذهبون بها وهي مفردة إلى التثنية، قال بعض الرُّجاز في ذلك:
فِي كِلْتَ رِجْلَيْهَا سُلامي وَاحدَه | كِلْتاهُما مَقْرُونَةٌ بِزَائِدَهْ (١) |
تَظَّلَمَنِي مالي كَذَا وَلَوَى يَدِي | لَوَى يَدَهُ اللهُ الَّذِي هُوَ غالِبُهْ (٢) |
(٢) البيت من أبيات تسعة لفرعون بن الأعراف في ابنه منازل (الحماسة بشرح التبريزي ٤: ٩) وأوله " تغمد حقي ظالما ولوى يدي ". وتغمد حقي؛ ستره. وهو في معنى: " تظلمني مالي " ولوى يدي: أي فتلها وأزالها عن حالها وهيئتها. وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (١: ٤٠٢) قال: " ولم تظلم منه شيئا ": ولم تنقص. ويقال: ظلمني فلان حقي، أي نقصني وقال رجل لابنه: " تظلمني مالي كذا... إلخ ".
ورواية البيت في اللسان: " تظلم مالي هكذا... " البيت. ولم ينسبه. وقال قبله: وظلمه حقه، وتظلمه إياه. يريد أنهما بمعنى.