قوله :« وترى » : يجوز أن تكون بصريَّةً، فيكون « يُسَارِعُونَ » حالاً، وأن تكون العلميَّةَ أو الظنيَّة، فينتصب « يُسَارعُونَ » مفعولاً ثانياً، و « مِنْهُمْ » في محلِّ نصب؛ على أنه صفةٌ ل « كَثِيراً » فيتعلَّقُ بمحذوفٍ، أي : كائناً منهم، أو استقرَّ منهم، وقرأ أبو حيوة :« العِدْوان » بالكسر، و « أكْلِهِمُ » هذا مصدرٌ مضافٌ لفاعله، و « السُّحْتَ » مفعولُه، وقد تقدَّمَ ما فيه.

فصل


الضَّميرُ في « مِنْهُمْ » لليهُود، والمُسَارعة في الشَّيْءِ الشُّرُوعُ فيه، والمُراد بالإثْمِ الكذِب، وقيل : المَعَاصِي، والعُدْوَان الظُّلْم، وقيل : الإثْمُ ما يخْتَصُّ بهم، والعُدْوانُ ما يتعدَّاهُمْ إلى غيرهم، وقيل : الإثْمُ ما كتمُوا من التَّوْراة، والعُدْوان ما زَادُوا فيها، « وأكْلِهِمُ السُّحْتَ » الرِّشْوَة.
وقوله تعالى :« كَثِيراً مِنْهُم » لأنَّهمُ كُلُّهُمْ ما كانُوا يَفْعَلُون ذَلِكَ، لَفْظ المُسارعة إنما [ يُسْتَعْمَلُ ] في أكْثَرِ الأمْر في الخَيْرِ، قال تعالى :﴿ وَيُسَارِعُونَ فِي الخيرات ﴾ [ آل عمران : ١١٤ ] وقال تعالى :﴿ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الخيرات ﴾ [ المؤمنون : ٥٦ ] فكان اللاَّئِقُ بهذا الموضِعِ لفظ العَجَلَةِ.
فإن قيل : إنَّه تعالى ذكر المُسارعة [ الفائدة؛ وهي أنَّهم ] كانوا يُقْدِمُون على هَذِهِ المُنْكَرَات [ كأنهم مُحِقُّون ] فيها وقد تقدَّم حُكْمُ « مَا » مع بِئْسَ ونِعْمَ.


الصفحة التالية
Icon