قوله :« قَالَ المَلأُ » قرأ ابنُ عامرٍ وحدَهُ « وَقَال » بواو عطف نسقاً لهذه الجملة على ما قبلها، وموافقة لمصاحفِ الشَّام، فإنها مرسومة فيها، والباقون بحذفها : إما اكتفاء بالربط المعنوي، وإمّا لأنَّهُ جواب لسؤال مقدَّر كما تقدَّم، وهذا موافقة لمصاحفهم، وهذا كما تقدَّم في قوله :﴿ وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ ﴾ [ الأعراف : ٤٣ ] إلا أنَّهُ هو الذي حذف الواو هناك.
قوله :﴿ الذين استكبروا مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ استضعفوا ﴾.
السين في « اسْتَكْبَرُوا » و « اسْتُضْعَفُوا » يجوز أن تكون على بابها من الطلب، أي : طلبوا - أولئك - الكِبْرَ من أنفسهم ومن المؤمنين الضعف.
ويجوزُ أن يكون « اسْتَفْعَلَ » بمعنى : فعل [ كَعَجِبَ ] واسْتَعْجَبَ.
واللاَّم في « الذِينَ اسْتَضْعَفُوا » للتبليغ، ويضعف أن تكون للعلّة، والمراد بالذين استكبروا الرّؤساء، وبالذين استضعفوا المساكين.
قوله :﴿ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ ﴾ بدلٌ من « الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا » بإعادة العامل، وفيه وجهان :
أحدهما : أنَّهُ بدل كلٍّ من كُلٍّ، إن عاد الضَّمير في « مِنْهُم » على قومه، ويكون المستضعفون مؤمنين فقط، كأنَّهُ قيل : قال المستكبرون للمؤمنين من قوم صالح.
والثاني : بدلُ بعض من كلٍّ، إنْ عاد الضَّميرُ على المستضعفين، ويكون المستضعفون ضربين : مؤمنين وكافرين، كأنَّهُ قيل : قال المستكبرون للمؤمنين من الضُّعَفَاءِ دون الكَافِرينَ من الضُّعفاء.
وقوله :« أتَعْلَمُونَ » في محل نصب بالقول.
و « مِن رَّبِّهِ » متعلق ب « مُرْسَلٌ »، و « من » لابتداء الغاية مجازاً، ويجوز أن تكون صفةً فتتعلق بمحذوف.
واعلم أنَّ المستكبرين لمَّا سألوا المُسْتَضْعفين عن حال صالح وما جاء بهن فأجاب المُسْتَضْعَفُون بقولهم : إنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ صالح مؤمنون، أي : مُصَدّقون، فقال المستكبرون : بل نحن كافرون بما آمنتم به، أي : بالذي جاء به صالح.
قوله :﴿ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلَ بِهِ ﴾ متعلق ب « مُؤمِنُونَ » قُدِّم للاختصاص والاهتمام وللفاصلة.
قوله :« قَالَ الذي » « ما » موصولة، ولا يجوزُ هنا حذف العائد وإن اتحد الجار للموصول وعائده؛ لاختلاف العامل في الجارين وكذلك قوله :﴿بالذي آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴾.
قوله :« فَعَقَرُوا النَّاقَةَ » أصل العَقْرِ : كَشْفُ العَراقِيبِ في الإبل، وهو أن يضرب قَوَائمَ البَعِيرِ أو النَّاقَةِ فتقع، وكانت هذه سنتهم في الذَّبْحِ.
قال امرؤ القيس :[ الطويل ]

٢٥٠٥ - وَيَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَى مَطِيَّتِي فَيَا عَجَباً مِنْ رَحْلِهَا المُتَحَمَّلِ
ثم أطلق على كل نَحْرِ « عَقْرٌ »، وإن لم يكن فيه كشف عراقيب تسمية للشَّيء بما يلازمه غالباً، إطلاقاً للمسبّب على مسببّبه هذا قول الازهري.
وقال ابن قتيبة :« العَقْرُ : القتل كيف كان، عَقَرْتُها فهي معقورة ».
وقيل : العقر : الجرح. وعليه قول امرئ القيس :[ الطويل ]


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
٢٥٠٦ - تَقُولُ وَقَدْ مَالَ الغَبِيطُ بِنَا معاً عَقَرْتَ بَعِيرِي يَا امْرَأ القَيْسِ فانْزِلِ