بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى :« نَتْلُوا عَلَيْكَ » يجوز أن يكون مفعول « نَتْلُو » محذوفاً دَلَّت عليه صفته وهي :﴿ مِنْ نَّبَإِ موسى ﴾ ( تقديره : نَتْلُو عَلَيْكَ شَيْئاً مِنْ نَبَأ مُوسَى، ويجوز أن تكونَ « مِنْ » مزيدة على رأي الأخفش أي : نتلو عليك نبأ موسى ).
قوله :« بِالحَقِّ » يجوز أن يكون حالاً من فاعل « نَتْلُو »، أو من مفعوله، أي نَتْلُو عَلَيْكَ بَعْضَ خبرها مُتلبسين أو مُتَلبساً بالحق أو متعلقاً بنفس « نَتْلُو » بمعنى : نَتْلُوه بسبب الحق و « لِقَوْم » متعلق بفعل التلاوة أي : لأجل هؤلاء : و « يُؤْمِنُونَ » يصدقون، وخَصَّهُمْ بالذكر لأنهم قبلوا وانتفعوا.
قوله :« إِنَّ فِرْعْونَ » هذا هو المتلُوّ جيء به في جملة مستأنفة مؤكدة.
وقرىء « فِرْعَونَ » بضم الفاء وكسرها، والكسر أحسن وهو الفسطاط، ﴿ عَلاَ فِي الأرض ﴾ استكبر وتجبَّر ﴿ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً ﴾ فرقاً وأصنافاً في الخدمة والتسخير، يتبعونه على ما يريد ويطيعونه.
قوله : يَسْتَضْعِفُ يجوز فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه مستأنفٌ بيان لحال الأهل الذين جعلهم فرقاً وأصنافاً.
الثاني : أنه حال من فاعل « جَعَلَ » أي : جعلهم كذا حال كونه مستضعفاً طائفة منهم.
الثالث : أنه صفة ل « طَائِفَةٍ ».
قوله :« يُذْبِّحُ » يجوز فيه الثلاثة الأوجه : الاستئناف تفسيراً ل « يَسْتَضْعِف ». أو الحال من فاعله أو صفة ثانية ل « طَائِفَة ». والعامة على التشديد في « يُذَبِّح » للتكثير. وأبو حيوة وابن محيصن « يَذْبَح » مفتوح الياء والباء مضارع « ذَبَحَ » مخففاً.

فصل


المراد بالطائفة بنو إسرائيل، ثم فسَّرَ الاستضعاف فقال :﴿ يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ﴾، سمَّى هذا استضعافاً؛ لأنهم عجزوا وضعفوا عن دفعه عن أنفسهم، ﴿ إِنَّهُ كَانَ مِنَ المفسدين ﴾ ذكروا في سبب ذبح الأبناء وجوهاً :
قيل : إنَّ كاهناً قال له يُولَدُ مَوْلُود في بني إسرائيل في ليلة كذا ( يذهب ملكك ) على يده، فولد تلك الليلة اثنا عشر غلاماً، فقتلهم وبقي هذا العذاب في بني إسرائيل سنين كثيرة. قال وهب : قتل القبط في طلب موسى تسعين ألفاً من بني إسرائيل. وقال السدي : إنَّ فرعون رأى في منامه أنَّ ناراً أقبلت من بيت المقدس إلى مصر فأحرقت القبط دون بني إسرائيل. فسأل عن رؤياه فقيل له : يخرج من هذا البلد من بني إسرائيل رجل يكون هلاك مصر على يده، فأمر بقتل الذكور، وقيل : إن الإنبياء الذين كانوا قبل موسى عليه السلام بشروا بمجيئه فسمع فرعون بذلك فأمر بذبح أبناء بني إسرائيل.
قوله :﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ ﴾ فيه وجهان :
أظهرهما : أنه عطفٌ على قوله :« إِنَّ فِرْعَوْنَ » عطفُ عليه على اسمية، لأن كلتيهما تفسير للنبأ.


الصفحة التالية
Icon