قوله :« يودّ أحدهم » هذا مبني على ما تقدّم، فإن قيل بأن « من الذين أشركوا » داخل تحت « أفعل » كان في « يود » خمسة أوجه :
أحدها : أنه حال من الضمير في « لتجدنّهم » أي : لتجدنهم وَادًّا أحدهم.
الثاني : أنه حال من الذين أشركوا، فيكون العامل فيه « أحرص » المحذوف.
الثالث : أنه حال من فاعل « أشركوا ».
الرابع : أنه مستأنف استؤنف للإخبار بتبيين حال أمرهم في ازدياد حرصهم على الحياة.
الخامس : وهو قول الكوفيين : أنه صلة لموصول محذوف، ذلك الموصول صفة للذين أشركوا، والتقدير : ومن الذين أشركوا الذين يودّ أحدهم.
وإن قيل بالانقطاع، فيكون في محلّ رفع؛ لأنه صفة لمبتدأ محذوف كما تقدّم.
قال القرطبي رحمه الله تعالىك أصل « يَوَدُّ » يَوْدَدُ «، أدغمت لئلا يجمع بين حرفين من جنس واحد متحركين ونقلت حركة الدال إلى الواو، ليدل ذلك على أنه يفعل.
وحكى الكسائي : وَدَدْتُ، فيجوز على هذا يَوِدُّ بكسر الواو و »
أحد « هنا بمعنى واحد، وهمزته بدل من واو، وليس هو » أحد « المستعمل في النفي، فإن ذاك همزته أصل بنفسها، ولا يستعمل في الإيجاب المحض. و » يود « مضارع وَدِدْت بكسر العين في الماضي، فلذلك لم تحذف الواو في المضارع؛ لأنها لم تقع بين ياء وكسرة، بخلاف » يعد « وبابه.
وحكى الكسائي فيه »
وَدَدْتُ « بالفتح.
قال بعضهم : فعلى هذا يقال :»
يودّ « بكسر الواو.
و »
الوِدَادُ « : التمني.
قوله :»
لو يعمّر « في » لو « هذه ثلاثة أقوال :
أحدها : وهو الجاري على قواعد نحاة »
البصرة « أنها حرف لما كان سيقع لوقوع غيره، وجوابها محذوف لدلالة » يَوَدُّ « عليه، وحذف مفعول » يَوَدُّ « لدلالة » لو يعمّر « عليه والتقدير : يود أحدهم طول العمر، لو يعمر ألف سنة لَسُرَّ بذلك، فحذف من كلّ واحد ما دلّ عليه الآخر، ولا محلّ لها حينئذ من الإعراب.
والثاني : وبه قال الكوفيون وأبو علي الفارسي وأبو البقاء، أنها مصدرية بمنزلة »
أن « الناصبة، فلا يكون لها جوابن [ وينسبك ] منها وما بعدها مصدر يكون مفعولاً ل » يودّ «، والتقدير : يود أحدهم تعميره ألف سنة.
واستدل أبو البقاء بأن الامتناعية معناها في الماضي، وهذه يلزمها المستقل ك »
أنْ « وبأنّ » يَودّ « يتعدى لمفعول، وليس مما يُعَلق، وبأن » أنْ « قد وقعت يعد » يود « في قوله ﴿ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ ﴾


الصفحة التالية
Icon