ويقال : تلوته إذا تبعته تلواً، وتلوت القرآن تِلاَوَةَ. وتلوت الرجل تلواً إذا خذلته. والتَّلِيَّة والتُّلاوة : البقية، يقال : تليت لي من حقّي تلاوةً وتليةً أي بقيت.
وأتليت : أبقيت.
وتتليت حقّي إذا تتبعته حتى تستوفيه.
قال « أبو زيد » :« تلي الرجل إذا كان بآخر رمق ».
قوله :﴿ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ الهمزة للإنكار أيضاً، وهي في نية التأخير عن الفاء؛ لأنها حرف عطف، وكذا تتقدّم أيضاً على « الواو » و « ثم » نحو :﴿ أَوَلاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [ البقرة : ٧٧ ] ﴿ أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ ﴾ [ يونس : ٥١ ] والنِّيَة بها التأخير، ما عدا ذلك من حروف العطف فلا تتقدّم عليه، تقول :« ما قام زيد بل أقعد؟ » هذا مذهب الجُمْهور.
وزعم « الزمَّخشري » أن الهمزة في موضعها غير مَنْوِيّ بها التأخير، ويقدر قبل « الفاء » و « الواو » و « ثم » فعلاً محذوفاً، فاعطف عليه ما بعده فيقدر هنا : أتغفلون فلا تعقلون، وكذا ﴿ أَفَلَمْ يَرَوْاْ ﴾ [ سبأ : ٩ ] أي : أعموا فَلَم يروا؟
وقد خالف هذا الأصل ووافق الجمهور في مواضع يأتي التنبيه عليها إن شاء الله تعالى.
ومفعول « تعقلون » غير مراد؛ لأن لامعنى : أفلا يكون منكم عَقْل، وقيل تقديره : أفلا تعقلون قُبْحَ ما ارتكبتم من ذلك.
والعَقْل : الإدراك المانع من الخطأ، وأصله المَنْعن منه العِقَال، لأنه يمنع البعير عن الحَرَكَةِ، وَعَقْل الدِّيَةِ، لأنه يمنع من قَتْلِ الجَانِي، والعَقْل أيضاً ثُوْب موشَّى؛ قال عقلمة :[ البسيط ]
٤٥٣ عَقْلاً وَرَقْماً يَظَلُّ الطَّيْرُ يَتْبَعُهُ | كَأَنَّهُ مِنْ دَمِ الأجْوافِ مَدْمُومُ |
فصل في المراد بالبر في الآية
اختلفوا في المراد بالبرّ في هذا الموضع على وجوه :
أحدها : قال « السُّدّي » إنهم كانوا يأمرون النَّاس بطاعة الله، وينهونهم عن معصية الله، وهم يتركون الطّاعةن ويقدمون على المعصية.
وثانيها : قال « ابن جُرَيْجٍ » إنهم كانوا يأمرون النَّاس بالصَّلاة والزكاة، وهم يتركونها.
وثالثها : كان إذا جاءهم أحد في الخُفْية لاستعلام أمر محمد ﷺ قالوا : هو صادق فيما يقول، أمره حقّ فاتبعوه، وهم كانوا لايتبعونه لطمعهم في الهَدَايا والصّلات التي كانت تصل إليهم من أتباعهم.
ورابعها : أن جماعة من اليهود كانو قبل مَبْعَثِ الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام يخبرون بعث الله محداً ﷺ حَسَدُوهُ وكفروا به، فبكّتهم الله تعالى بسبب أنهم كانوا يأمرون باتباعه قبل ظهوره، فلما ظهر تركوه، وأعرضوا عن دينه، وهذا اختيار « أبي مُسْلِم ».
وخاسمها : قال « الزَّجَّاج » :« إنهم كانوا يأمرون الناس ببَذْلِ الصدقة، وكانوا يشحُّون بها، لأن الله تعالى وصفهم بقَسَاوَةِ القلوبن وأكل الربا والسُّحت ».