قوله تعالى :﴿ هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بالهدى ﴾ وهذا تأكيد لبيان صدق في الرؤيا؛ لأنه لما كان مرسلاً لرسوله ليهدي، لا يريد ما لا يكون فيحدث الناس فيظهر خلافه فيكون ذلك سبباً للضلال. ويحتمل أن الرؤيا الموافقة للقواقع قد تقع لغير المرسل، ولكن ذلك قليل لا يقع لكل أحد فقال تعالى :﴿ هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بالهدى ﴾ وحكى له ما سيكون في اليقظة فلا يبعد أن يُرِيَه في المنام ما سيقع ولا استبعاد في صدق رؤياه وفيها بيان وقوع الفتح ودخول مكة بقوله تعالى :﴿ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ ﴾ أي من يقويه على الأديان لا يستبعد منه فتح مكة. والهدى يحتمل أن يكون هو القرآن كقوله تعالى :﴿ أُنْزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِّلنَّاسِ ﴾ [ البقرة : ١٨٥ ] وعلى هذا دين الحق هو ما فيه من الأصول والفروع. ويحتمل أن يكون الهدى هو المعجزة أي أرسله بالمعجزة.
فيكون قوله :« وَدِينَ الحق » إشارة إلى ما شرع. ويحتمل أن يكون الهدى هو الأصولَ ودين الحق هو الأحكام. والألف واللام في « الهدى » يحتمل أن تكون للعهد وهو كقوله :﴿ ذلك هُدَى الله يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ ﴾ [ الأنعام : ٨٨ ] وأن تكون للتعريف أي كل ما هو هُدًى.
قوله :« وَدِينَ الْحَقِّ » يحتمل أن يكون المراد دين الله تعالى؛ لأن الحق من أسماء الله، ويحتمل أن يكون الحقُّ نقيضَ الباطل، فكأنه قال : دين الأمر الحق، ويحتمل أن يكون المراد الانقياد للحق، وقوله : أرسله بالهدى وهو المعجزة على أحد الوجوه ﴿ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ ﴾ أي جنس الدين ﴿ وكفى بالله شَهِيداً ﴾ على أنك صادق فيما تخبر وفي أنك رسول الله. وهذا في تسلية قلب المؤمنين فإنهم تأَذوا من ردِّ الكفَّار عليهم العهد المكتوب وقالوا : لا نعلم أنه رسول الله فلا تكتبوا محمد رسول الله، بل اكتبوا محمد بن عبدالله، فقال تعالى :﴿ وكفى بالله شَهِيداً ﴾ أي في أنه رسول الله.