قوله تعالى :﴿ والتين والزيتون ﴾.
قال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وإبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح وجابر بن زيد ومقاتل والكلبيُّ : هو تينكم الذي تأكلون، وزيتونكم الذي تعصرون منه الزيت قال تعالى :﴿ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ بالدهن وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ ﴾ [ المؤمنون : ٢٠ ] ومن خواص التين : أنه غذاء وفاكهة، وهو سريع الهضم لا يمكث في المعدة، ويقلل البلغم، ويطهر الكليتين، ويزيل ما في المثانة من الرمل، ويسمن البدن، ويفتح مسام الكبد والطحالِ.
وروى أبو ذر - رضي الله عنه - قال :« أهدي للنبي ﷺ سلٌّ من تينٍ، فقال :» كُلُوا « وأكَلَ مِنهُ، ثُمَّ قال لأصْحَابهِ :» كُلُوا؛ لَوْ قُلتُ : إنَّ فَاكهَةً نَزلَتْ مِنَ الجنَّةِ، لقُلْتُ : هَذهِ، لأنَّ فَاكِهَة الجنَّةِ بِلاَ عجمٍ، فكُلُوهَا، فإنَّهَا تَقْطَعُ البَواسيرَ، وتَنْفَعُ مِنَ النقرسِ « ».
وعن علي بن موسى الرضى :« التين » يزيل نكهة الفم، ويطول الشعر، وهو أمان من الفالج، وأما الزيتون فشجرته هي الشجرة المباركة.
وعن معاذ - رضي الله عنه - أنه استاك بقضيب زيتون، وقال : سمعت النبي ﷺ يقول :« نِعْمَ السواكُ الزَّيتُون، مِنَ الشَّجرةِ المُبارَكَةِ، يُطيِّبُ الفَمَ، ويُذْهِبُ الحَفَرَ، وهِيَ سِوَاكِي وسِواكُ الأنْبِيَاء من قَبْلِي ».
وعن ابن عباس :« التين » مسجد نوح - ﷺ - الذي بني على الجودي والزيتون :« بيت المقدس ».
وقال الضحاك : التين :« المسجد الحرام »، والزيتون :« المسجد الأقصى ».
وقال عكرمة وابن زيد : التين :« مسجد دمشق »، والزيتون :« مسجد بيت المقدس » [ وقال قتادة :« التين : الجبل الذي عليه » دمشق «، والزيتون الذي عليه » بيت المقدس «.
وقال محمد بن كعب - رضي الله عنه - : التين : مسجد أصحاب الكهف والزيتون »
إيليا «.
وقال عكرمة وابن زيد : التين :»
دمشق «، والزيتون :» بيت المقدس « ] وهذا اختيار الطبري.
وقيل : هما جبلان بالشام يقال لهما : طور زيتا وطور تينا بالسريانية، سميا بذلك لأنهما ينبتان التين والزيتون.
قال القرطبيُّ :»
والصَّحيحُ الأولُ، لأنه الحقيقة، ولا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا بدليل «.
قوله :﴿ وَطُورِ سِينِينَ ﴾. الطُّور جبل، و »
سنين « اسم مكان، فأضيف الجبل للمكان الذي هو به.
قال الزمخشريُّ :»
ونحو « سينون يبرون » في جواز الإعراب بالواو والياء، والإقرار على الياء، وتحريك النون بحركات الإعراب «.
وقال أبو البقاء : هو لغة في »
سيناء «. انتهى.
وقرأ العامة : بكسر السين، وابن أبي إسحاق، وعمرو بن ميمون، وأبو رجاء : بفتحها وهي لغة بكر وتميم.


الصفحة التالية
Icon