أخرج ابن جريج وابن المنذر من طريق ابن جريج عن عكرمة « أن رجلاً من الأنصار قتل أخاً مقيس بن ضبابة، فأعطاه النبي ﷺ الدية فقبلها، ثم وثب على قاتل أخيه فقتله. قال ابن جريج، وقال غيره : ضرب النبي ﷺ ديته على بني النجار، ثم بعث مقيساً، وبعث معه رجلاً من بني فهر في حاجة للنبي ﷺ، فاحتمل مقيس الفهري - وكان رجلاً شديداً - فضرب به الأرض، ورضخ رأسه بين حجرين، ثم ألقى يتغنى :قتلت به فهرا وحملت عقله | سراة بني النجار أرباب قارع |
فأخبر به النبي ﷺ فقال : أظنه قد أحدث حدثاً، أما والله لئن كان فعل لا أومنه في حل ولا حرم، ولا سلم ولا حرب، فقتل يوم الفتح. قال ابن جريج : وفيه نزلت هذه الآية ﴿ ومن يقتل مؤمناً متعمداً... ﴾ الآية ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ﴿ ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم ﴾ قال :« نزلت في مقيس بن ضبابة الكناني، وذلك أنه أسلم وأخوه هشام بن ضبابة وكانا بالمدينة، فوجد مقيس أخاه هشاماً ذات يوم قتيلاً في الأنصار في بني النجار، فانطلق إلى النبي ﷺ فأخبره بذلك، فأرسل رسول الله ﷺ رجلاً من قريش من بني فهر ومعه مقيس إلى بني النجار - ومنازلهم يومئذ بقباء - أن ادفعوا إلى مقيس قاتل أخيه إن علمتم ذلك، وإلا فادفعوا إليه الدية. فما جاءهم الرسول قالوا : السمع والطاعة لله وللرسول، والله ما نعلم له قاتلاً ولكن نؤدي إليه الدية، فدفعوا إلى مقيس مائة من الإبل دية أخيه، فلما انصرف مقيس والفهري راجعين من قباء إلى المدينة وبينهما ساعة، عمد مقيس إلى الفهري رسول رسول الله ﷺ فقتله، وارتد عن الإسلام وركب جملاً منها وساق معه البقية، ولحق بمكة وهو يقول : في شعر له :قتلت به فهراً وحملت عقله | سراة بني النجار أرباب قارع |
وأدركت ثأري واضطجعت موسداً | وكنت إلى الأوثان أول راجع |
فنزلت فيه بعد قتل النفس وأخذ الدية، وارتد عن الإسلام ولحق بمكة كافراً ﴿ ومن يقتل مؤمناً متعمداً ﴾ ».
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. مثله سواء.
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن جرير والطبراني من طريق سعيد بن جبير قال : اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن، فرحلت فيها إلى ابن عباس فسألته عنها؟ فقال : نزلت هذه الآية ﴿ ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم ﴾ هي آخر ما نزل، وما نسخها شيء.