أخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب قال : لما رفع الله عيسى ابن مريم اجتمع من علماء بني إسرائيل مائة رجل، فقال بعضهم : أنتم كثير نتخوف الفرقة، اخرجوا عشرة فاخرجوا عشرة، ثم قالوا : أنتم كثير نتخوف الفرقة، اخرجوا عشرة فاخرجوا عشرة، ثم قالوا : أنتم كثير فاخرجوا عشرة فاخرجوا عشرة، ثم قالوا : أنتم كثير فاخرجوا عشرة حتى بقي عشرة، فقالوا : أنتم كثير حتى الآن فاخرجوا ستة وبقي أربعة، فقال بعضهم : ما تقولون في عيسى؟ فقال رجل منهم : أتعلمون أنه لا يعلم الغيب إلا الله؟ قالوا : لا. فقال الرجل : هو الله كان في الأرض ما بدا له، ثم صعد إلى السماء حين بدا له. وقال الآخر : قد عرفنا عيسى وعرفنا أمه هو ولده، وقال الآخر : لا أقول كما تقولون، قد كان عيسى يخبرنا أنه عبد الله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم، فنقول كما قال لنفسه، لقد خشيت أن تكونوا قلتم قولاً عظيماً. قال : فخرجوا على الناس فقالوا لرجل منهم : ماذا قلت؟ قال : قلت هو الله كان في الأرض ما بدا له ثم صعد إلى السماء حين بدا له. قال : فاتبعه عنق من الناس وهؤلاء النسطورية واليعقوبية، ثم خرج الرابع فقالوا له : ماذا قلت؟ قال : قلت هو عبد الله روحه وكلمته ألقاها إلى مريم، فاتبعه عنق من الناس فقال محمد بن كعب، فكل قد ذكره الله في القرآن ﴿ لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة... ﴾ الآية. ثم قرأ ﴿ وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً ﴾ [ النساء : ١٥٦ ] ثم قرأ ﴿ ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا ﴾ [ المائدة : ٦٥ ] إلى قوله ﴿ منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون ﴾ [ المائدة : ٦٦ ] قال محمد بن كعب : فهؤلاء أمة مقتصدة، الذين قالوا : عيسى عبد الله وكلمته وروحه ألقاها إلى مريم.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ﴾ قال : النصارى يقولون :﴿ إن الله ثالث ثلاثة ﴾ وكذبوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : تفرق بنو إسرائيل ثلاث فرق في عيسى، فقالت فرقة! هو الله. وقالت فرقة : هو ابن الله. وقالت فرقة : هو عبد الله وروحه، وهي المقتصدة، وهي مسلمة أهل الكتاب.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ﴾ قال : قالت النصارى : إن الله هو المسيح وأمه، فذلك قوله ﴿ أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ﴾ [ المائدة : ١١٦ ].
قال ابن أبي حاتم : حدثنا عبد الله بن هلال الدمشقي، حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال : قال أبو سليمان الداراني : يا أحمد - والله - ما حرك ألسنتهم بقولهم ثالث ثلاثة إلا هو، ولو شاء الله لأخرس ألسنتهم.