أخرج الحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها قالت « لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم. بعثت زينب بنت رسول الله ﷺ قلادة لها في فداء زوجها، فلما رآها رسول الله ﷺ رق رقة شديدة، وقال : إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها؟ وقال العباس رضي الله عنه : إني كنت مسلماً يا رسول الله. قال : الله أعلم بإسلامك، فإن تكن كما تقول فالله يجزيك فافد نفسك وابني أخويك نوفل بن الحارث، وعقيل بن أبي طالب، وحليفك عتبة بن عمر، وقال : ما ذاك عندي يا رسول الله. قال : فأين الذي دفنت أنت وأم الفضل؟ فقلت لها : إن أصبت فإن هذا المال لبني. فقال : والله يا رسول الله إن هذا لشيء ما علمه غيري وغيرها، فاحسب لي ما أحببتم مني عشرين أوقية من مال كان معي فقال : افعل. ففدي نفسه وابني أخويه وحليفه، ونزلت ﴿ قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم ﴾ فأعطاني مكان العشرين أوقية في الإِسلام عشرين عبداً كلهم في يده مال نصرت به مع ما أرجو من مغفرة الله ».
وأخرج ابن سعد والحاكم وصححه عن أبي موسى « أن العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه بعث إلى رسول الله ﷺ مالاً أكثر منه فنثر على حصير، وجاء الناس فجعل رسول الله ﷺ يعطيهم وما كان يومئذ عدد ولا وزن، فجاء العباس فقال : يا رسول الله، إني أعطيت فدائي وفداء عقيل يوم بدر، أعطني من هذا المال، فقال : خذ، فحثى في قميصه ثم ذهب ينصرف فلم يستطع، فرفع رأسه وقال : يا رسول الله، أرفع علي. فتبسم رسول الله ﷺ وهو يقول : أما أخذ ما وعد الله فقد نجز ولا أدري الأخرى ﴿ قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم ويغفر لكم ﴾ هذا خير مما أخذ مني ولا أدري ما يصنع في المغفرة ».
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أسر رسول الله ﷺ يوم بدر سبعين من قريش منهم العباس وعقيل، فجعل عليهم الفداء أربعين أوقية من ذهب، وجعل على العباس مائة أوقية، وعلى عقيل ثمانين أوقية، فقال العباس رضي الله عنه : لقد تركتني فقير قريش ما بقيت؟ فأنزل الله ﴿ يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى ﴾ حين ذكرت لرسول الله ﷺ إسلامي وسألته أن يقاسمني بالعشرين أوقية التي أخذت مني، فعوّضني الله منها عشرين عبداً كلهم تاجر يضرب بمالي مع ما أرجو من رحمة الله ومغفرته.


الصفحة التالية
Icon