ويروى: لا كذب فيها ولا سَخَر:
جاءَتْ مُرجَمَّة قد كُنْتُ أحْذَرُها | لَوْ كانَ يَنْفَعُنِي الإشْفاقُ والحَذَرُ (١) |
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا (٥١) ﴾
يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: واذكر يا محمد في كتابنا الذي أنزلناه إليك موسى بن عمران، واقصص على قومك أنه كان مخلصا.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: (إنَّهُ كانَ مُخْلِصًا) بكسر اللام من المُخْلِص، بمعنى: إنه كان يخلص لله العبادة، ويفرده بالألوهية، من غير أن يجعل له فيها شريكا، وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الكوفة خلا عاصم (إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا) بفتح اللام من مُخْلَص، بمعنى: إن موسى كان الله قد أخلصه واصطفاه لرسالته، وحمله نبيا مرسلا.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي: أنه كان ﷺ مخلصا عبادة الله، مُخْلَصا للرسالة والنبوّة، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب.
(١) هذا البيت لأعشى باهلة أيضًا، وهو بعد البيت السابق عليه في القصيدة نفسها، كما في (جمهرة أشعر العرب ص ١٣٦). ومعنى مرجمة: أي مظنونة، لا يوقف على حقيقتها ويقال: كلام مرجم عن غير يقين. ولعل الشاعر أراد أن الناس كلهم لم يصدقوا خبر هذا الفاجعة التي نزلت بهم، فهم بين مصدق ومكذب.