وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير في قوله ﴿ كتب عليكم الصيام... ﴾ الآية. قال : كتب عليهم إذا نام أحدهم قبل أن يطعم شيئاً لم يحل له أن يطعم إلى القابلة، والنساء عليهم حرام ليلة الصيام وهو ثابت عليهم، وقد رخص لكم في ذلك.
وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة قالت : كان عاشوراء يصام، فلما نزل رمضان كان من شاء صام ومن شاء أفطر.
وأخرج سعيد وابن عساكر عن ابن عباس في قوله ﴿ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام... ﴾ الآية. يعني بذلك أهل الكتاب، وكان كتابه على أصحاب محمد ﷺ : أن الرجل يأكل ويشرب وينكح ما بينه وبين أن يصلي العتمة أو يرقد، فإذا صلى العتمة أو رقد منع من ذلك إلى مثلها من القابلة، فنسختها هذه الآية ﴿ أحل لكم ليلة الصيام ﴾.
وأما قوله تعالى :﴿ وعلى الذين يطيقونه فدية ﴾.
أخرج عبد بن حميد عن ابن سيرين قال : كان ابن عباس يخطب فقرأ هذه الآية ﴿ وعلى الذين يطيقونه فدية ﴾ قال : قد نسخت هذه الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية ﴿ وعلى الذين يطيقونه فدية ﴾ فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكيناً، ثم نزلت هذه الآية ﴿ فمن شهد منكم الشهر فليصمه ﴾ فنسخت الأولى إلا الفاني إن شاء أطعم عن كل يوم مسكيناً وأفطر.
وأخرج أبو داود عن ابن عباس ﴿ وعلى الذين يطيقونه فدية ﴾ ومن شاء منهم أن يفتدي بطعام مسكين افتدى وتم له صومه، فقال ﴿ ومن تطوّع خيراً فهو خير له وأن تصوموا خير لكم ﴾ وقال ﴿ فمن شهد منكم الشهر فليصمه... ﴾ الآية.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وأبو داود وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في الآية قال : كانت مرخصة الشيخ الكبير والعجوز، وهما يطيقان الصوم أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكيناً، ثم نسخت بعد ذلك فقال الله ﴿ فمن شهد منكم الشهر فليصمه ﴾ وأثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان أن يفطرا ويطعما، وللحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا مكان كل يوم مسكيناً، ولا قضاء عليهما.
وأخرج الدارمي والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير وابن خزيمة وأبو عوانة وابن أبي حاتم والنحاس وابن حبان والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن سلمة بن الأكوع قال : لما نزلت هذه الآية ﴿ وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ﴾ من شاء منا صام ومن شاء أن يفطر ويفتدي فعل ذلك، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها ﴿ فمن شهد منكم الشهر فليصمه ﴾.
وأخرج ابن حبان عن سلمة بن الأكوع قال : كنا في رمضان في عهد رسول الله ﷺ من شاء صام ومن شاء أفطر وافتدى، حتى نزلت هذه الآية ﴿ فمن شهد منكم الشهر فليصمه ﴾.


الصفحة التالية
Icon