وأخرج ابن الضريس عن أبي وائل :« أن وفد بني أسد أتوا النبي ﷺ فقال : من أنتم؟ فقالوا : نحن بنو الزينة أحلاس الخيل، فقال النبي ﷺ : أنتم بنو رشدة فقال الحضرمي بن عامر : والله لا نكون كبني المحوسلة، وهم بنو عبدالله بن غطفان كان يقال لهم بنو عبد العزى بن غطفان. فقال النبي ﷺ للحضرمي : هل تقرأ من القرآن شيئاً؟ قال : نعم، فقال : اقرأه فقرأ من ﴿ عبس وتولى ﴾ ما شاء الله أن يقرأ، ثم قال : وهو الذي منَّ على الحبلى فأخرج منها نسمة تسعى بين شراسيف وحشا. فقال النبي ﷺ لا تزد فيها فإنها كافية ».
وأخرج ابن النجار عن أنس قال :« استأذن العلاء بن يزيد الحضرمي على النبي ﷺ، فأذن له فتحدثا طويلاً ثم قال له : يا علاء تحسن من القرآن شيئاً؟ قال : نعم، ثم قرأ عليه عبس حتى ختمها فانتهى إلى آخرها وزاد في آخرها من عنده : وهو الذي أخرج من الحبلى نسمة تسعى من بين شراسيف وحشا فصاح به النبي ﷺ : يا علاء إنته فقد انتهت السورة » والله أعلم.
أخرج الترمذي وحسنه وابن المنذر وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه عن عائشة قالت : أنزل سورة عبس وتولى في ابن أم مكتوم والأعمى أتى رسول الله ﷺ فجعل يقول : يا رسول الله أرشدني وعند رسول الله ﷺ رجل من عظماء المشركين، فجعل رسول الله ﷺ يعرض عنه، ويقبل على الآخر، ويقول أترى بما أقول بأساً فيقول لا، ففي هذا أنزلت.
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن عائشة قالت :« كان رسول الله ﷺ في مجلس من ناس من وجوه قريش منهم أبو جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة فيقول لهم أليس حسناً أن جئت بكذا وكذا؟ فيقولون : بلى والله، فجاء ابن أم مكتوم وهو مشتغل بهم فسأله فأعرض عنه، فأنزل الله ﴿ أما من استغنى فأنت له تصدى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى ﴾ يعني ابن أم مكتوم ».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو يعلى عن أنس قال : جاء ابن أم مكتوم إلى النبي ﷺ وهو يكلم أبيّ بن خلف، فأعرض عنه، فأنزل الله ﴿ عبس وتولى أن جاءه الأعمى ﴾ فكان النبي ﷺ بعد ذلك يكرمه.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال :« بينا رسول الله ﷺ يناجي عتبة بن ربيعة والعباس بن عبد المطلب وأبا جهل بن هشام، وكان يتصدى لهم كثيراً، ويحرص أن يؤمنوا، فأقبل إليه رجل أعمى يقال له عبدالله بن أم مكتوم يمشي وهو يناجيهم، فجعل عبدالله يستقرىء النبي ﷺ آية من القرآن. قال يا رسول الله : علمني مما علمك الله، فأعرض عنه رسول الله ﷺ وعبس في وجهه، وتولى، وكره كلامه، وأقبل على الآخرين. فلما قضى رسول الله ﷺ نجواه، وأخذ ينقلب إلى أهله أمسك الله ببعض بصره ثم خفق برأسه ثم أنزل الله ﴿ عبس وتولى أن جاءه الأعمى ﴾ فلما نزل فيه ما نزل أكرمه نبي الله وكلمه يقول له : ما حاجتك؟ هل تريد من شيء؟ ».


الصفحة التالية
Icon