﴿إنّ الذين عند ربك﴾ أي: الملائكة المقرّبين بالفضل والكرامة ﴿لا يستكبرون﴾ أي: لا يتكبرون ﴿عن عبادته﴾ لأنهم عبيده خاضعون لعظمته وكبريائه ﴿ويسبحونه﴾ أي: وينزهونه عن جميع النقائص، ويقولون: سبحان الله ربنا ﴿وله يسجدون﴾ أي: ويخضعون له بالعبادة والتذلل لا يشركون به غيره، وفي هذا إشارة إلى أنّ الأعمال تنقسم إلى قسمين: أعمال القلوب وأعمال الجوارح، فأعمال القلوب هي تنزيه الله تعالى عن كل ما سواه، وهو الاعتقاد القلبي عبر عنه بقوله: ﴿ويسبحونه﴾ وعبر عن أعمال الجوارح بقوله: ﴿وله يسجدون﴾ ليوافق الملائكة المقرّبين في عبادتهم، وعن معدان قال: سألت ثوبان مولى رسول الله ﷺ قلت: حدّثني حديثاً ينفعني الله به قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة»، وفي رواية قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «عليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة»، وعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: «كان رسول الله ﷺ يقرأ القرآن فيقرأ سورة فيها سجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد بعضنا موضعاً لمكان جبهته في غير وقت صلاة»، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويلتي أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار» والحديث الذي ذكره البيضاوي تبعاً للزمخشري وهو: «من قرأ سورة الأعراف جعل الله يوم القيامة بينه وبين إبليس ستراً وكان آدم شفيعاً له يوم القيامة» حديث موضوع.
سورة الأنفال
مدنية
وقيل: إلا ﴿وإذ يمكر بك الذين كفروا﴾ الآيات السبع فمكية، وهي خمس أو ست أو سبع وسبعون آية، وألف وخمس وسبعون كلمة، وخمسة آلاف وثمانون حرفاً.
(١٦/٦)
---