وأخبر عن ريها بقوله تعالى: ﴿تجري من تحتها الأنهار﴾ أي قصورها ﴿الأنهار﴾ فهي بذلك كثيرة الرياض والأشجار وقال تعالى: ﴿خالدين فيها﴾ لأنّ ذلك لا يلذ إلا بالدوام، وقال تعالى: ﴿رضى الله﴾ أي: الملك الأعظم ﴿عنهم﴾ لأنّ ذلك لا يتم إلا برضا مالكها الذي له الملك كله ﴿ورضوا عنه﴾ أي: لأنه أعطاهم فوق ما يؤملون ﴿أولئك﴾ أي: الذين هم في الدرجات العلى من العظمة لكونهم قصروا ودّهم على الله تعالى، علماً منهم بأنه ليس الضرّ والنفع إلا بيده ﴿حزب الله﴾ أي: جند الملك الذي أحاط بجميع صفات الكمال ﴿ألا إنّ حزب الله﴾ أي: جند الملك الأعلى، وهم هؤلاء الموصوفون ومن والاهم ﴿هم المفلحون﴾ أي: الذين حازوا الظفر بكل ما يؤملون في الدارين، وقد علم من الرضا من الجانبين والحزبية والإفلاح عدم الإنفكاك عن السعادة فأغنى ذلك عن تقييد الخلود بالتأييد.
فائدة: هذه السورة نصف القرآن عدداً، وليس فيها آية إلا وفيها ذكر الجلالة الكريمة مرة أو مرتين أو ثلاثاً. وما رواه البيضاوي تبعاً للزمخشري عن النبيّ ﷺ «أنّ من قرأ سورة المجادلة كتب من حزب الله تعالى يوم القيامة حديث موضوع. والله تعالى أعلم.
سورة الحشر
مدنية
في قول الجميع، وهي أربع وعشرون آية وأربعمائةوخمس وأربعون كلمة، وألف وتسعمائة وثلاثة عشر حرفاً
﴿بسم الله﴾ الملك الأعظم الذي لا خلف لميعاده ﴿الرحمن﴾ الذي عمت نعمة إيجاده ﴿الرحيم﴾ الذي خص أهل ودّه بالتوفيق فهم أهل السعادة.
ولما ختمت المجادلة بأنه يعز أهل طاعته ويذل أهل معصيته تنزه عن النقائص تأييداً للوعد بنصرهم فقال تعالى:
(١٢/٣٠)
---
﴿سبح﴾ أي: أوقع التنزيه الأعظم عن كل شائبة نقص ﴿لله﴾ الذي أحاط بجميع صفات الكمال ﴿ما في السموات﴾ أي: كلها ﴿وما في الأرض﴾ أي: كذلك، وقيل: أن اللام مزيدة، أي: نزهة وأتى بما تغليباً للأكثر، وجمع السماء لأنها أجناس.