ولما دعا على أعداء الله تعالى دعا لأوليائه وبدأ بنفسه فقال مسقط الأداة على عادة أهل الخصوص: ﴿ربّ﴾ أي: أيها المحسن إليّ باتباع من اتبعني وتجنب من تجنبني ﴿اغفر لي﴾ أي: فإنه لا يسعني ـ وإن كنت معصوماً ـ إلا حلمك وعفوك ومغفرتك، ﴿ولوالديّ﴾ وكانا مؤمنين يريد أبويه اسم أبيه لمك بن متوشلخ، وأمّه شمخا بنت أنوش. وعن ابن عباس: لم يكفر لنوح عليه السلام أب فيما بينه وبين آدم عليه السلام، وقيل: هما آدم وحوّاء وأعاد الجار إظهاراً للاهتمام فقال: ﴿ولمن دخل بيتي﴾ أي: منزلي، وقيل: مسجدي، وقيل: سفينتي ﴿مؤمناً﴾ أي: مصدّقاً بالله تعالى فمؤمناً حال، وعن ابن عباس: أي: دخل في ديني.
فإن قيل: على هذا يصير قوله: ﴿مؤمناً﴾ تكراراً؟ أجيب: بأنّ من دخل في دينه ظاهراً قد يكون مؤمناً وقد لا يكون، فالمعنى ولمن دخل دخولاً مع تصديق القلب. ﴿وللمؤمنين والمؤمنات﴾ خص نفسه أوّلاً بالدعاء، ثم من يتصل به لأنهم أولى وأحق بدعائه، ثم عمم المؤمنين والمؤمنات إلى يوم القيامة، قاله الضحاك. وقال الكلبي: من أمّة محمد ﷺ وقيل: من قومه والأوّل أولى وأظهر.
(١٣/١٧٠)
---
ثم ختم الكلام مرّة أخرى بالدعاء على الكافرين فقال: ﴿ولا تزد الظالمين﴾ أي: العريقين في الظلم في حال من الأحوال ﴿إلا تباراً﴾ أي: هلاكاً مدمراً والمراد بالظالمين الكافرون، فهي عامة في كل كافر ومشرك. وقيل: أراد مشركي قومه. وتباراً مفعول ثان والاستثناء مفرغ. وقيل: الهلاك الخسران.
وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري: عن النبيّ ﷺ «من قرأ سورة نوح كان من المؤمنين الذين تدركهم دعوة نوح عليه السلام» حديث موضوع.
سورة الجن
وتسمى سورة قل أوحي مكية
وهي ثمان وعشرون آية، ومائتان وخمسوثمانون كلمة، وثمانمائة وسبعون حرفاً
﴿بسم الله﴾ المحيط بالكمال ﴿الرحمن﴾ الذي عمّ برحمته الناس بالإرسال ﴿الرحيم﴾ الذي خص من بين أهل الدعوة من شاء بمحاسن الأعمال.