وهذا أولى نعم حال من أطلق أكمل إذا قام بوظائفها. وعن أبي هريرة مرفوعاً «من صلى العشاء الأخيرة في جماعة من رمضان فقد أدرك ليلة القدر»، أي: أخذ حظاً منها. ويسنّ لمن رآها أن يكتمها، ويسنّ أن يكثر الدعاء والتعبد في ليالي رمضان وأن يكون من دعائه: «اللهمّ إنك عفوّ كريم تحب العفو فاعف عني».
ومن علاماتها أنّ الشمس تطلع صبيحتها لا شعاع لها، رواه مسلم عن أبيّ بن كعب وعن ابن مسعود: قال: «إنّ الشمس تطلع كل يوم بين قرني شيطان إلا صبيحة ليلة القدر فإنها تطلع يومئذ بيضاء ليس لها شعاع». فإن قيل: لا فائدة في هذه العلامة فإنها قد انقضت. أجيب: بأنه يستحب أن يجتهد في ليلتها ويبقى يعرفها كما مرّ عن الشافعي أنها تلزم ليلة واحدة. وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري عن النبيّ ﷺ «من قرأ سورة القدر أعطى من الأجر كمن صام رمضان وأحيا ليلة القدر» حديث موضوع.
سورة لم يكن
وتسمى القيامة، وتسمى المنفكين مكية في قول يحيى بن سلام، ومدنية في قول الجمهور، وهي ثمان آيات وأربع وتسعون كلمة وثلاث مائة وتسعون حرفاً.
﴿بسم الله﴾ الذي لا يخرج شيء عن مراده ﴿الرحمن﴾ الذي عمّ بنعمه جميع عباده ﴿الرحيم﴾ الذي خص أولياءه بإسعاده.
ولما كان الكفار جنسين أهل كتاب ومشركين ذكرهم الله تعالى في قوله سبحانه:
(١٤/٣١)
---
﴿لم يكن الذين كفروا﴾ أي: في مطلق الزمان الماضي والحال والاستقبال ﴿من أهل الكتاب﴾ أي: من اليهود والنصارى الذين كان أصل دينهم حقاً فألحدوا فيه بالتبديل والتحريف والاعوجاج في صفات الله تعالى، ثم نسخه الله تعالى بما شرع من مخالفته في الفروع وموافقته في الأصول فكذبوا. ﴿والمشركين﴾ أي: بعبادة الأصنام والنار والشمس، ونحو ذلك ممن هم عريقون في دين لم يكن له أصل في الحق، بأن لم يكن لهم كتاب.