ولما كان الإنسان بعد كماله في نفسه بالأعمال لا ينتفي عنه مطلق الخسر إلا بتكميل غيره، وحينئذ كان وارثاً لأنّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بعثوا للتكميل. قال تعالى مخصصاً لما دخل في الأعمال الصالحة منبهاً على عظمه: ﴿وتواصوا﴾ أي: أوصى بعضهم بعضاً بلسان الحال والمقال ﴿بالحق﴾ أي: الأمر الثابت وهو كل ما حكم الشرع بصحته ولا يسوغ إنكاره، وهو الخير كله من توحيد الله تعالى وطاعته، واتباع كتبه ورسله، والزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة ﴿وتواصوا﴾ أيضاً ﴿بالصبر﴾ عن المعاصي وعلى الطاعات، وعلى ما يبتلي الله به عباده من الأمراض وغيرها.
ويروى عن أبيّ بن كعب أنه قال: قرأت على النبي ﷺ والعصر، ثم قلت: ما تفسيرها يا رسول الله؟ فقال ﷺ «والعصر قسم من الله أقسم ربكم بآخر النهار أنّ الإنسان لفي خسر أبو جهل إلا الذين آمنوا أبو بكر، وعملوا الصالحات عمر وتواصوا بالحق عثمان، وتواصوا بالصبر عليّ». وهكذا خطب ابن عباس على المنبر موقوفاً عليه. وقال قتادة: بالحق، أي: بالقرآن. وقال السدّي: الحق هنا الله عز وجل. وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري عن النبيّ ﷺ «من قرأ سورة والعصر غفر الله له، وكان ممن تواصى بالحق وتواصى بالصبر». حديث موضوع.
سورة الهمزة مكية
وهي تسع آيات وثلاثون كلمة ومائة وثلاثون حرفاً
﴿بسم الله﴾ الحكم العدل ﴿الرحمن﴾ الذي عمّ جوده أهل البخل وأولي العدل ﴿الرحيم﴾ الذي خص أولياءه بزيادة الفضل
(١٤/٦٤)
---


الصفحة التالية
Icon