آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا) يقول: إلا يأتي ربه يوم القيامة عبدا له، ذليلا خاضعا، مقرًّا له بالعبودية، لا نسب بينه وبينه.
وقوله (آتِي الرَّحْمَنِ) إنما هو فاعل من أتيته، فأنا آتيه.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (٩٥) ﴾
يقول تعالى ذكره: لقد أحصى الرحمن خلقه كلهم، وعدّهم عدّا، فلا يخفى عليه مبلغ جميعهم، وعرف عددهم، فلا يعزب عنه منهم أحد (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) يقول: وجميع خلقه سوف يرد عليه يوم تقوم الساعة وحيدا لا ناصر له من الله، ولا دافع عنه، فيقضي الله فيه ما هو قاض، ويصنع به ما هو صانع.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (٩٦) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (٩٧) ﴾
يقول تعالى ذكره: إن الذين آمنوا بالله ورسله، وصدّقوا بما جاءهم من عند ربهم، فعملوا به، فأحلوا حلاله، وحرّموا حرامه (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) في الدنيا، في صدور عباده المؤمنين.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يحيى بن طلحة، قال: ثنا شريك، عن مسلم الملائي، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) قال: محبة في الناس في الدنيا.