ج ٢٨، ص : ٣٠
سورة الحشر
هى مدنية، وعدة آيها أربع وعشرون نزلت بعد سورة البيّنة.
ومناسبتها ما قبلها من وجوه :
(١) إن فى آخر السالفة قال :« كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي » وفى أول هذه قال :« فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ».
(٢) إن فى السابقة ذكر من حادّ اللّه ورسوله، وفى أول هذه ذكر من شاقّ اللّه ورسوله.
(٣) إن فى السالفة ذكر حال المنافقين واليهود وتولى بعضهم بعضا، وفى هذه ذكر ما حل باليهود، وعدم غناء تولى المنافقين إياهم.
روى أن بنى النضير كانوا قد صالحوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على ألا يكونوا عليه ولا له، فلما ظهر يوم بدر قالوا هو النبي الذي نعت فى التوراة، لا نردّ له راية، فلما هزم المسلمون يوم أحد ارتابوا ونكثوا، فخرج كعب بن الأشرف فى أربعين راكبا إلى مكة فحالفوا عليه قريشا عند الكعبة، فأخبر جبريل النبي صلى اللّه عليه وسلم بذلك فأمر بقتل كعب فقتله محمد بن سلمة غيلة وهو عروس، وكان عليه الصلاة والسلام قد اطلع منهم على خيانة حين أتاهم يستعينهم فى دية المسلمين من بنى عامر عند منصرفه من بئر معونة، إذ همّوا بطرح حجر عليه فعصمه اللّه.
وبعد أن قتل كعب بأشهر تهيأ المسلمون لقتالهم وساروا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم واستعمل على المدينة عبد اللّه بن أم مكتوم حتى إذا نزل فى بنى النضير وجدهم ينوحون على كعب، وقالوا ذرنا نبكى شجونا، ثم ائتمر أمرك، فقال : اخرجوا من المدينة، فقالوا الموت أقرب إلينا من ذلك، فتنادوا بالحرب، ودس المنافقون عبد اللّه بن أبىّ وأضرابه إليهم ألا يخرجوا من الحصن، فإن قاتلوكم فنحن معكم،