ج ١٦، ص : ١٧٠٢
فدعوة النبي إلى الاستغفار، هى دعوة له، وللمؤمنين معه ـ من باب أولى ـ إلى لقاء اللّه تعالى تائبين مستغفرين، بعد أن يتم اللّه عليهم نعمة النصر والفتح، ويبلغ بهم منزل السلامة والأمن.. وإنه ليس فى هذا الاستغفار إلا مراجعة لما وقع فى النفوس من ظنون باللّه عند بعض المؤمنين، أو ضجر من الصبر على البلاء عند بعض آخر، أو شعور بشىء من الأسى والحزن عند فريق ثالث..
وهكذا وذلك فى مسيرتهم على طريق الضرّ والأذى، إلى أن لقيهم نصر اللّه والفتح.
وقوله تعالى :« إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً » أي كثير التوبة على عباده، واسع المغفرة لذنوبهم.. وفى المبالغة فى التوبة دلالة على كثرتها، والدلالة على كثرتها، دلالة على كثرة ذنوب العباد، وما وقع لهم فى مسيرتهم على الجهاد، مما ينبغى أن يتطهر منه المجاهدون، وأن يصفّو حسابهم معه بالتوبة والاستغفار، بعد أن رأوا ما رأوا من قدرة اللّه، ومن إحسانه وفضله عليهم.. وهذا مثل قوله تعالى :« لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ » (١١٧ : التوبة)
(١١١) سورة المسد
نزولها : نزلت بمكة.. بعد الفاتحة..
عدد آياتها : خمس آيات..
عدد كلماتها : ثلاث وعشرون كلمة..
عدد حروفها : سبعة وسبعون حرفا..
مناسبتها لما قبلها
كانت سورة « النصر » ـ كما قلنا ـ مددا من أمداد السماء، تحمل بين يديها هذه البشريات المسعدة للنبىّ وللمؤمنين، وتريهم رأى العين عزّة