قوله تعالى ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال الفخر :
في كيفية اتصال هذه الآية بما قبلها وجوه الأول : أنه تعالى لما قال بعض إيجاب فرض الصوم وبيان أحكامه :﴿وَلِتُكَبّرُواْ الله على مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [البقرة : ١٨٥] فأمر العبد بعد التكبير الذي هو الذكر وبالشكر، بين أنه سبحانه بلطفه ورحمته قريب من العبد مطلع على ذكره وشكره فيسمع نداءه، ويجيب دعاءه، ولا يخيب رجاءه والثاني : أنه أمر بالتكبير أولاً ثم رغبه في الدعاء ثانياً، تنبيهاً على أن الدعاء لا بد وأن يكون مسبوقاً بالثناء الجميل، ألا ترى أن الخليل عليه السلام لما أراد الدعاء قدم عليه الثناء، فقال أولاً :﴿الذى خَلَقَنِى فَهُوَ يَهْدِينِ﴾ [الشعراء : ٧٨] إلى قوله :﴿والذى أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِى خَطِيئَتِى يَوْمَ الدين﴾ [الشعراء : ٨٢] وكل هذا ثناء منه على الله تعالى ثم شرع بعده في الدعاء فقال :﴿رَبّ هَبْ لِى حُكْماً وَأَلْحِقْنِى بالصالحين﴾ [الشعراء : ٨٣] فكذا ههنا أمر بالتكبير أولاً ثم شرع بعده في الدعاء ثانياً
الثالث : إن الله تعالى لما فرض عليهم الصيام كما فرض على الذين من قبلهم، وكان ذلك على أنهم إذا ناموا حرم عليهم ما يحرم على الصائم، فشق ذلك على بعضهم حتى عصوا الله في ذلك التكليف، ثم ندموا وسألوا النبي ﷺ عن توبتهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية مخبراً لهم بقبول توبتهم، ونسخ ذلك التشديد بسبب دعائهم وتضرعهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ٨١﴾