قوله تعالى :﴿وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا ءَاتِنَا فِى الدنيا حَسَنَةً وَفِي الأخرة حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النار ﴾
قال البقاعى :
﴿ ومنهم من﴾ يجعل عبادته وحجه وسيلة إلى الرغبة إلى ربه ويذكر الله تعالى كما أمر فهو ﴿يقول ربنا﴾ بإحسانك ﴿آتنا في الدنيا﴾ حالة وعيشة ﴿حسنة﴾ لا توصل بها إلى الآخرة على ما يرضيك. قال الحرالي : وهي الكفاف من المطعم والمشرب والملبس والمأوى والزوجة على ما كانت لا شرف فيها - انتهى. ﴿وفي الآخرة حسنة﴾ أي من رحمتك التي تدخلنا بها الجنة. ولما كان الرجاء لا يصلح إلا بالخوف وإعطاء الحسنة لا ينفي المس بالسيئة قال :﴿وقنا عذاب النار﴾ أي بعفوك ومغفرتك. ولما كان هؤلاء على منهاج الرسل لأنهم عبدوا الله أولاً كما أشار إليه السياق فانكسرت نفوسهم ثم ذكروه على تلك المراتب الثلاث فنارت قلوبهم بتجلي نور جلاله سبحانه وتعالى فتأهلوا بذلك للدعاء فكان دعاؤهم كاملاً، كما فعل الخليل عليه الصلاة والسلام حيث قال :﴿الذي خلقني فهو يهدين﴾ ﴿الشعراء : ٧٨ ] الآيات حتى قال {رب هب لي حكماً وألحقني بالصالحين﴾ ﴿الشعراء : ٨٣ ] فقدم الذكر على الدعاء وكما هدى إليه آخر آل عمران في قوله :{ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا﴾ ﴿آل عمران : ١٩٣ ] الآيات، فقدموا الطاعة عظم شأنهم بقوله على سبيل الاستئناف جامعاً على معنى من بشارة بكثرة الناجي في هذه الأمة أو يكون الجمع لعظم صفاتهم :{أولئك﴾ أي العالو المراتب العظيمو المطالب ﴿لهم﴾ أي هذا القسم فقط لأن الأول قد أخبر أن الأمر عليه لا له. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٣٨٠﴾
قال الفخر :


الصفحة التالية
Icon