قوله تعالى :﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (٢٠٤)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان قد ذكر سبحانه وتعالى الراغب في الدنيا وحدها والراغب في الدارين وكان قد بقي من الأقسام العقلية المعرض عنهما وهو مفقود فلم يذكره والراغب في الآخرة فقط، وكل من الأقسام تارة يكون مسرّاً وتارة يكون معلناً وكان المحذور منها - إنما هو المسر لإرادة الدنيا بإظهاره لإرادة الآخرة وكان هذا هو المنافق بدأ به بعد ذكر التقوى والحشر ليكون مصدوعاً بادىء بدء بذلك الأمر مقصوداً بالتهديد بالحشر وساقه بصيغة ما في أول السورة من ذكر المنافقين ليتذكر السامع تلك القصص ويستحضرها بتلك الأحوال وحسن ذلك طول الفصل وبعد العهد فقال :﴿ومن الناس من﴾ أي شخص أو الذي ﴿يعجبك﴾ أي يروقك ويأخذ بمجامع قلبك أيها المخاطب ﴿قوله﴾ كما ذكرنا أول السورة أنه يخادع، ويعجب من الإعجاب وهو من العجب وهو كون الشيء خارجاً عن نظائره من جنسه حتى يكون ندرة في صنعه - قاله الحرالي.
وقال الأصبهاني : حالة تغشى الإنسان عند إدراك كمال مجهول السبب، وعن الراغب أنه قال : وليس هو شيئاً له في ذاته حالة بل هو بحسب الإضافات إلى من يعرف السبب ومن لا يعرفه، وحقيقة أعجبني كذا : ظهر لي ظهوراً لم أعرف سببه.