قوله تعالى :﴿فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٠٩)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما أقام سبحانه وتعالى الأدلة على عظمته التي منها الوحدانية وأزال الشبه ومحا الشكوك وذكر بأنواع اللطف والبر إلى أن ختم الآيتين بما ذكر من ولايته وعداوة المضل عن طريقه سبب عن ذلك قوله ﴿فإن زللتم﴾ مشيراً بأداة الشك إلى أنهم صاروا إلى حالة من وضوح الطريق الواسع الأمكن الأمين المستقيم الأسلم يبعد معها كل البعد أن يزلوا عنه ولذلك قال :﴿من بعد ما جاءتكم البينات﴾ أي بهذا الكتاب الذي لا ريب فيه. قال الحرالي : بينات التجربة شهوداً ونبأ عما مضى وتحققاً بما وقع، وقال : إن التعبير بأن يشعر بأنهم يستزلون، والتعبير بالماضي إشعار بالرجوع عنه رحمة من الله لهم كرحمته قبل لأبويهم حين أزلهما الشيطان فكما أزل أبويهم في الجنة عن محرم الشجرة أزلهم في الدنيا عن شجرة المحرمات من الدماء والأموال والأعراض - انتهى.
ولما كان الخوف حاملاً على لزوم طريق السلامة قال :﴿فاعلموا﴾ فإن العلم أعون شيء على المقاصد ﴿أن الله﴾ الحاوي لصفات الكمال ﴿عزيز﴾ لا يعجزه من زل ولا يفوته من ضل ﴿حكيم﴾ يبرم ما لا يقدر أحد على نقض شيء منه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٣٨٧﴾
قوله تعالى :﴿فَإِن زَلَلْتُمْ ﴾
قال الفخر :
قوله تعالى :﴿فَإِن زَلَلْتُمْ﴾ يعني إن انحرفتم عن الطريق الذي أمرتم به، وعلى هذا التقدير يدخل في هذا الكبائر والصغائر فإن الإنحراف كما يحصل بالكثير يحصل بالقليل.
فتوعد تعالى على كل ذلك زجراً لهم عن الزوال عن المنهاج لكي يتحرز المؤمن عن قليل ذلك وكثيره لأن ما كان من جملة الكبائر فلا شك في وجوب الاحتراز عنه، وما لم يعلم كونه من الكبائر فإنه لا يؤمن كون العقاب مستحقاً به وحينئذ يجب الاحتراز عنه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ١٧٩﴾
وقال أبو حيان :
﴿ فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات﴾ أي : عصيتم أو كفرتم، أو أخطأتم، أو ضللتم، أقوال