قوله تعالى :﴿سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آَتَيْنَاهُمْ مِنْ آَيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢١١)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان بنو إسرائيل أعلم الناس بظهور مجد الله في الغمام لما رأى أسلافهم منه عند خروجهم من مصر وفي جبل الطور وقبة الزمان وما في ذلك على ما نقل إليهم من وفور الهيبة وتعاظم الجلال قال تعالى : جواباً لمن كأنه قال : كيف يكون هذا ؟ ﴿سل﴾ بنقل حركة العين إلى الفاء فاستغنى عن همزة الوصل ﴿بني إسرائيل﴾ أي الذين هم أحسد الناس للعرب ثم استفهم أو استأنف الإخبار ﴿كم آتيناهم﴾ من ذلك ومن غيره ﴿من آية بينة﴾ بواسطة أنبيائهم فإنهم لا يقدرون على إنكار ذلك، وسكوتهم على سماعه منك إقرار منهم. وقال الحرالي : ولما كان هذا الذي أنذروا به أمراً مجملاً أحيلوا في تفاصيل الوقائع وتخصيص الملاحم ووقوع الأشباه والنظائر على ما تقدم ووقع مثاله في بني إسرائيل لتكرار ما وقع فيهم من هذه الأمة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة فقال :﴿سل﴾، استنطاقاً لحالهم لا لإنبائهم وإخبارهم، فالتفات النبي ـ ﷺ ـ إلى ما يشهده الله من أحوال بني إسرائيل وأحوال ملوكهم وأحبارهم وأيامهم وتفرقهم واختلافهم وصنوف بلاياهم هو سؤاله واستبصاره لا أن يسأل واحداً فيخبره ؛ انتهى - كذا قال، والظاهر أنه إباحة لسؤالهم فإنه ـ ﷺ ـ ما سألهم عن شيء وكذبوا في جوابه فبين كذبهم إلا عرفوا بالكذب، كقصة حد الزنا وقضية سؤالهم عن أبيهم وقضية سم الشاة ونحو هذا، وفي ذلك زيادة لإيمان من يشاهده وإقامة للحجة عليهم وغير هذا من الفوائد. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٣٨٩ ـ ٣٩٠﴾
وقال ابن عاشور :


الصفحة التالية