قوله تعالى :﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٤٤) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما بيّن سبحانه وتعالى أن الموت لا يصون منه فرار أمر بالجهاد الذي هو المقصود الأعظم بهذه السياقات ولفت القول إلى من يحتاج إلى الأمر به وصدره بالواو فأفهم العطف على غير معطوف عليه مذكور أن التقدير : فلا تفروا من أسباب الموت بل اثبتوا في مواطن البأساء ﴿وقاتلوا﴾ وعبر بفي الظرفية إشارة إلى وجوب كونهم في القتال وإن اشتدت الأحوال مظروفين للدين مراعين له لا بخرجون عنه بوجه ما فيصدقون في الإقدام على من لج في الكفران ويسارعون إلى الإحجام عمن بدا منه الإذعان ونحو ذلك من مراعاة شرائع الإيمان، وعبر بالسبيل إشارة إلى يسر الدين ووضوحه فلا عذر في الخروج عن شيء منه بحال فقال :﴿في سبيل الله﴾ أي الذي لا كفوء له كما كتبه عليكم وإن كنتم تكرهون القتال.
ولما أمرهم بعد ما حذرهم رغبهم ورهبهم بقوله :﴿واعلموا﴾ منبهاً لهم لأن يلقوا أسماعهم ويحضروا أفهامهم لما يلقى عليهم ﴿أن الله﴾ أي الذي له القدرة الكاملة والعلم المحيط ﴿سميع﴾ لما تقولون إذا أمرتم بما يكره من القتال ﴿عليم﴾ بما تضمرون من الإعراض عنه والإقبال فهو يجازيكم على الخير قولاً وعملاً ونية، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعين ضعفاً إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة وعلى السيئة بمثلها إن شاء ﴿ولا يظلم ربك أحداً﴾ [ الكهف : ٤٩ ]. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٤٦٧ ـ ٤٦٨﴾
قال الفخر :
فيه قولان الأول : أن هذا خطاب للذين أحيوا، قال الضحاك : أحياهم ثم أمرهم بأن يذهبوا إلى الجهاد لأنه تعالى إنما أماتهم بسبب أن كرهوا الجهاد.