قوله تعالى :﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٧٥)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان سبحانه وتعالى قد ذكر النفقة مما أفاض عليهم من الرزق من أول السورة إلى هنا في غير آية،
ورغب فيها بأنواع من الترغيب في فنون من الأساليب،
وكان الرزق يشمل الحلال والحرام،
وكان مما يسترزقون به قبل الإسلام الربا،
وهو أخذ مجاناً،
وهو في الصورة زيادة وفي الحقيقة نقص وعيب،
ضد ما تقدم الحث عليه من الإعطاء مجاناً،
وهو في الظاهر نقص وفي الباطن زيادة وخير ؛ نهاهم عن تعاطيه ونفرهم منه،
وبين لهم حكمه وأنه خبيث لا يصلح لأكل ولا صدقة،
وجعل ذلك في أسلوب الجواب لمن قال هل يكون النفقة المحبوبة المحثوث عليها من كل مال ؟ فأجاب بقوله :- وقال الحرالي : ولما كان حال المنفق لا سيما المبتغي وجه الله سبحانه وتعالى أفضل الأحوال،
وهو الحال الذي دعوا إليه ؛ نظم به أدنى الأحوال،
وهو الذي يتوسل به إلى الأموال بالربا،
فأفضل الناس المنفق،
وشر الناس المربي ؛ فنظم به خطاب الربا فقال :- ﴿الذين﴾ ولما كان من الصحابة من أكل الربا عبر بالمضارع إشارة إلى أن هذا الجزاء يخص المصر فقال :﴿يأكلون الربا﴾ وهو الزيادة من جنس المزيد عليه المحدود بوجه ما - انتهى.
فجرى على عادة هذا الذكر الحكيم في ذكر أحد الضدين بعد الآخر،


الصفحة التالية
Icon