قوله تعالى ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٨٠)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان الناس منقسمين إلى موسر ومعسر أي غني وفقير كان كأنه قيل : هذا حكم الموسر ﴿وإن كان﴾ أي وجد من المدينين ﴿ذو عسرة﴾ لا يقدر على الأداء في هذا الوقت ﴿فنظرة﴾ أي فعليكم نظرة له.
قال الحرالي : وهو التأخير المرتقب نجازه ﴿إلى ميسرة﴾ إن لم ترضوا إلا بأخذ أموالكم ؛ وقرأ نافع وحمزة بضم السين ؛ قال الحرالي : إنباء عن استيلاء اليسر وهي أوسع النظرتين،
والباقون بالفتح إنباء عن توسطها ليكون اليسر في مرتبتين،
فمن انتظر إلى أوسع اليسرين كان أفضل توبة - انتهى.
﴿وأن تصدقوا﴾ أي وصدقتكم على المعسر بتركه له،
ذلكم ﴿خير﴾ في الدنيا بما يبارك الله سبحانه وتعالى ﴿لكم﴾ ويعوضكم وفي الآخرة بما يجزل لكم من الأجر.
ولما كان كل أحد يدعي العلم ويأنف أشد أنفة من النسبة إلى الجهل قال :﴿إن كنتم تعلمون﴾ أي إن كنتم من ذوي العلم فأنتم تعرفون صحة ما دعوتكم إليه مما يقتضي الإدبار عنه أو الإقبال عليه،
فإذا تحققتم ذلك فامتثلوه فإنه يقبح على العلم بقبح الشيء الإصرار عليه وإلا فبينوا أنه ليس بخير وإلا فأنتم من أهل الاعوجاج بالجهل تقومون بالحرب والضرب والطعن كالسباع الضارية والذئاب العاوية.
وقال الحرالي : فأعلم سبحانه وتعالى أن من وضع كيانه للعلم فكان ممن يدوم علمه ؟ تنبه لأن خير الترك خير من خير الأخذ فأحسن بترك جميعه - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٥٤٢﴾
فائدة
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ﴾ مع قوله :﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ﴾ يدل على ثبوت المطالبة لصاحب الديْن على المدين وجواز أخذ ماله بغير رضاه.