قوله تعالى ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (١٣)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان الكفرة من أهل الكتاب وغيرهم من العرب بمعرض أن يقولوا حين قيل لهم ذلك : كيف نغلب وما هم فينا إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود ؟ قيل لهم : إن كانت قصة آل فرعون لم تنفعكم لجهل أو طول عهد فإنه ﴿قد كان لكم آية﴾ أي عظيمة بدلالة تذكير كان ﴿في فئتين﴾ تثنية فئة للطائفة التي يفيء إليها أي يرجع من يستعظم شيئاً، استناداً إليها حماية بها لقوتها ومنعتها ﴿التقتا﴾ أي في بدر ﴿فئة﴾ أي منهما مؤمنة، لما يرشد إليه قوله :﴿تقاتل في سبيل الله﴾ أي الملك الأعلى لتكون كلمة الله هي العليا، ومن كان كذلك لم يكن قطعاً إلا مؤمناً ﴿وأخرى﴾ أي منهما ﴿كافرة﴾ أي تقاتل في سبيل الشيطان، فالآية كما ترى من وادي الاحتباك، وهو أن يؤتى بكلامين يحذف من كل منهما شيء إيجازاً، يدل ما ذكر من كل على ما حذف من الآخر، وبعبارة أخرى : هو أن يحذف من كل جملة شيء إيجازاً ويذكر في الجملة الأخرى ما يدل عليه.


الصفحة التالية