قوله تعالى ﴿ فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (٢٠)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما تم ذلك كان كأنه قيل : قد جئناك بالأمر الواضح الذي لا يشكون فيه ﴿فإن حاجّوك﴾ بعده في شيء مما تضمنه وهدى إليه ودل صريحاً أو تلويحاً عليه فاعلم أن جدالهم عن عناد مع العلم بحقيقة الحال ﴿فقل﴾ أي فأعرض عنهم إلى أن آمرك بالقتال، لأن من الواجبات - كما تقرر في آداب البحث - الإعراض عمن كابر في المحسوس، وقل أنت عملاً بالآية السالفة :﴿أسلمت وجهي﴾ أي أخلصت قصدي وتوجهي، وانقدت غاية الانقياد ﴿لله﴾ الملك الأعظم الذي له الأمر كله، فلا كفوء له.
قال الحرالي : ولما أدرج تعالى شهادة الملائكة وأولي العلم في شهادته لقن نبيه ﷺ أن يدرج من اتبعه في إسلامه وجهه لله ليكون إسلامهم بإسلام نبيهم ﷺ لا بإسلام أنفسهم، لتلحق التابعة من الأمة بالأئمة، وذلك حال الفرقة الناجية مؤثرة الفرق الاثنين والسبعين التي قال النبي ﷺ " وما أنا عليه " فيما أوتي من اليقين " وأصحابي " فيما أوتوه من الانقياد وبراءتهم من الرجوع إلى أنفسهم في أمر، كما كانوا يقولون عند كل ناشئة علم أو أمر : الله ورسوله أعلم، فمن دخل برأيه في أمر نقص حظه من الاتباع بحسب استبداده - انتهى.
فقال تعالى عاطفاً على الضمير المرفوع المتصل لأجل الفعل :﴿ومن﴾ أي وأسلم من ﴿اتبعن﴾ وجوههم له سبحانه وتعالى.


الصفحة التالية
Icon