قوله تعالى ﴿ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (١١٣) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٤) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (١١٥)﴾
مناسبة الآيات لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان السياق ربما أفهم أنهم كلهم كذلك قال مستأنفاً نافياً لذلك :﴿ليسوا سوآء﴾ أي في هذه الأفعال، يثني سبحانه وتعالى على من أقبل على الحق منهم وخلع الباطل ولم يراع سلفاً ولا خلفاً بعيداً ولا قريباً.
ثم استأنف قوله بياناً لعدم استوائهم :﴿من أهل الكتاب﴾ فأظهر لئلا يتوهم عود الضمير على خصوص من حكم بتكفيرهم ﴿أمة﴾ أي جماعة يحق لها أن تؤم ﴿قائمة﴾ أي مستقيمة على ما أتاها به نبيها في الثبات على ما شرعه، متهيئة بالقيام للانتقال عنه عند مجيء الناسخ الذي بشر به ووصفه.
غير زائغة بالإيمان ببعضه والكفر ببعضه.
ثم ذكر الحامل على الاستقامة فقال :﴿يتلون﴾ أي يتعابعون مستمرين ﴿آيات الله﴾ أي علامات ذي الجلال والإكرام المنزلة الباهرة التي لا لبس فيها ﴿آناء الليل﴾ أي ساعاته ﴿وهم يسجدون﴾ أي يصلون في غاية الخضوع.
ثم ذكر ما أثمر لهم التهجد فقال :﴿يؤمنون﴾ وكرر الاسم الأعظم إشارة إلى استحضارهم لعظمته فقال :﴿بالله﴾ أي الذي له من الجلال وتناهي الكمال ما حير العقول.


الصفحة التالية
Icon