قوله تعالى ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (١٢٨)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان ﷺ حريصاً على طلب الإدالة عليهم ليمثل بهم كما مثلوا بعمه حمزة وعدة من أصحابه رضي الله عنهم قال تعالى :﴿ليس لك من الأمر﴾ أي فيهم ولا غيرهم ﴿شيء﴾ موسطاً له بين المتعاطفات، يعني من الإدالة عليهم بقتل أو هزيمة تدرك بهما ما تريد، بل الأمر له كله، إن أراد فعل بهم ما تريد، وإن أراد منعك منه بالتوبة عليهم أو إماتتهم على الكفر حتف الأنف فيتولى هو عذابهم، وذلك معنى قوله :﴿أو يتوب عليهم﴾ أي كلهم بما يكشف عن قلوبهم من حجاب الغفلة فيرجعوا عما هم عليه من الظلم ﴿أو يعذبهم﴾ كلهم بأيديكم بأن تستأصلوهم فلا يفلت منهم أحد، أو يعذبهم هو من غير واسطتكم بما يستدرجهم به مما يوجب إصرارهم حتى يموتوا على الكفر مع النصر عليكم وغيره مما هو لهم في صورة النعم الموجب لزيادة عقابهم.
ثم علل الأقسام الأربعة بقوله :﴿فإنهم ظالمون﴾ وفي المغازي من صحيح البخاري معلقاً عن حنظلة بن أبي سفيان قال : سمعت سالم بن عبد الله قال :" كان رسول الله ﷺ يدعو على صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام فنزلت ﴿ليس لك من الأمر شيء﴾ - إلى قوله :﴿ظالمون﴾ " ورواه موصولاً في المغازي والتفسير والاعتصام عن سالم عن أبيه بغير هذا اللفظ، وفيه " اللهم العن فلاناً وفلاناً ". أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١٥١﴾
فصل
قال الفخر :
في سبب نزول هذه الآية قولان
الأول : وهو المشهور : أنها نزلت في قصة أحد، ثم القائلون بهذا القول اختلفوا على ثلاثة أوجه
أحدها : أنه أراد أن يدعو على الكفار فنزلت هذه الآية والقائلون بهذا ذكروا احتمالات