قوله تعالى :﴿ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (١٤٠)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما نهاهم عما تقدم وبشرهم سلاهم وبصرهم بقوله :﴿إن يمسسكم قرح﴾ أي مصيبة بإدالتهم عليكم اليوم ﴿فقد مس القوم﴾ أي الذين لهم من قوة المحاولة ما قد علمتم، أي في يوم أحد نفسه وفي يوم بدر ﴿قرح مثله﴾ أي في مطلق كونه قرحاً وإن كان أقل من قرحكم في يوم أحد وأكثر منه في يوم بدر، على أنه كما أنه ظفرهم - بعدما أصابهم وأنكأهم يوم بدر بالزهد الذي ليس بعده وهن - بقتل مثل من قتل منكم وأسر مثلكم، ويوم أحد بالقتل والهزيمة أول النهار وهم أعداؤه، فهو جدير بأن يظفركم بعد وهنكم وأنتم أولياؤه، فكما لم يضعفهم وهنهم وهم على الباطل فلا تضعفوا أنتم وأنتم على الحق، ترجون من الله ما لا يرجون، فقد أدلناكم عليهم يوماً وأدلناهم عليكم آخر ﴿وتلك الأيام﴾ ولما نبه على تعظيمها بأداة البعد، وكانت إنما تعظم بعظم أحوالها ذكر الحال المنبه عليها بقوله :﴿نداولها بين الناس﴾ أي بأن نرفع من نشاء تارة ونرفع عليه أخرى.