قوله تعالى ﴿أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦٢)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما أخبر تعالى أنه لا يقع في ذلك اليوم ظلم أصلاً تسبب عنه الإنكار على من حدثته نفسه بالأماني الكاذبة، فظن غير ذلك من استواء حال المحسن وغيره، أو فعل فعلاً وقال قولاً يؤدي إلأى ذلك كالمنافقين وكالمقبلين على الغنيمة فقال تعالى :﴿أفمن اتبع﴾ أي طلب بجد واجتهاد ﴿رضوان الله﴾ أي ذي الجلال والإكرام بالإقبال على ما أمر به الصادق، فصار إلى الجنة ونعم الصبر ﴿كمن بآء﴾ أي رجع من تصرفه الذي يريد به الربح، أو حل وأقام ﴿بسخط من الله﴾ أي من الملك الأعظم بأن فعل ما يقتضي السخط بالمخالفة ثم الإدبار لولا العفو ﴿ومأواه جهنم﴾ أي جزاء بما جعل أسباب السخط مأواه ﴿وبئس المصير﴾ أي هي. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١٧٧﴾
وقال الفخر :
اعلم أنه تعالى لما قال :﴿ثُمَّ توفى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ﴾ [ آل عمران : ١٦١ ] أتبعه بتفصيل هذه الجملة، وبين أن جزاء المطيعين ما هو، وجزاء المسيئين ما هو، فقال :﴿أَفَمَنِ اتبع رضوان الله﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٦٠ ـ ٦١﴾
فائدة
قال ابن عاشور :
والاتِّباع هنا بمعنى التطلّب : شبه حَال المتوّخي بأفعاله رضَى الله بحال المتطلِّب لطِلْبَة فهو يتبعها حيث حلّ ليقتنصها، وفي هذا التَّشبيه حسن التنبيه على أنّ التحصيل على رضوان الله تعالى محتاج إلى فرط اهتمام، وفي فعل ( باء ) من قوله :﴿ كمن بآء بسخط من الله ﴾ تمثيل لحال صاحب المعاصي بالَّذي خرج يطلب ما ينفعه فرجع بما يضرّه، أو رجع بالخيبة كما تقدّم في معنى قوله تعالى :﴿ فما ربحت تجارتهم ﴾ في سورة البقرة ( ١٦ ).


الصفحة التالية
Icon