قوله تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (١٠)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما طال التحذير والزجر والتهويل في شأن اليتامى، وكان ذلك ربما أوجب النفرة من مخالطتهم رأساً فتضيع مصالحهم ؛ وصل بذلك ما بين أن ذلك خاص بالظالم في سياق موجب لزيادة التحذير فقال مؤكداً لما كان قد رسخ في نفوسهم من الاستهانة بأموالهم :﴿إن الذين﴾ ولما كان الأكل أعظم مقاصد الإنسان عبر به عن جميع الأغراض فقال :﴿يأكلون أموال اليتامى ظلماَ﴾ أي أكلاً هو في غير موضعه بغير دليل يدل عليه، فهو كفعل من يمشي في الظلام، ثم أتبعه ما زاده تأكيداً بالتحذير في سياق الحصر فقال :﴿إنما يأكلون﴾ أي في الحال وصور الأكل وحققه بقوله :﴿في بطونهم ناراً﴾ أي تحرق المعاني الباطنية التي تكون بها قوام الإنسانية وبين أنها على حقيقتها في الدنيا ولكنا لا نحسها الآن لأنها غير النار المعهودة في الظاهر بقوله - مكرراً التحذير مبيناً بقراءة الجماعة بالبناء للفاعل أنهم يلجؤون إليها إلجاء يصيّرهم كأنهم يدخلونها بأنفسهم :﴿وسيصلون﴾ أي في الآخرة - بوعيد حتم لا خلف فيه ﴿سعيراً﴾ أي عظيماً هو نهاية في العظمة، وذلك هو معنى ابن عامر وعاصم بالبناء للمجهول، أي يلجئهم إلى صليها ملجىء قاهر لا يقدرون على نوع دفاع له. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٢١٩﴾


الصفحة التالية
Icon