قوله تعالى ﴿ وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآَذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (١٦)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما ذكر أمر النساء أتبعه حكم الرجال على وجه يعم النساء أيضاً فقال :﴿واللذان﴾ وهو تثنية " الذي " وشدد نونه ابن كثير تقوية له ليقرب من الأسماء المتمكنة ﴿يأتيانها منكم﴾ أي من بكر أو ثيب، أو رجل أو امرأة، ويثبت ذلك بشهادة الأربعة - كما تقدم ﴿فآذوهما﴾ وقد بين مجمل الأذى الصادق باللسان وغيره آية الجلد وسنة الرجم ﴿فإن تابا﴾ أي بالندم والإقلاع والعزم على عدم العود ﴿وأصحا﴾ أي بالاستمرار على ما عزما عليه، ومضت مدة علم فيها الصدق في ذلك ﴿فأعرضوا عنهما﴾ أي عن أذاهما، وهو يدل على أن الأذى باللسان يستمر حتى يحصل الاستبراء، ثم علل ذلك بقوله :﴿إن الله﴾ أي الذي له جميع صفات الكمال ﴿كان تواباً﴾ أي رجاعاً بمن رجع عن عصيانه إلى ما كان فيه من المنزلة ﴿رحيماً﴾ أي يخص من يشاء من عباده بالتوفيق لما يرضاه له، فتخلقوا بفعله سبحانه وارحموا المذنبين إذا تابوا، ولا يكن أذاكم لهم إلا لله ليرجعوا، وليكن أكثر كلامكم لهم الوعظ بما يقبل بقلوبهم إلى ما ترضاه الإلهية، ويؤيده أن المراد بهذا البكر والثيب من الرجال والنساء تفسير النبي ﷺ بقوله فيما رواه مسلم والأربعة والدارمي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه " قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " فالحديث مبين لما أجمل في الآية من ذكر السبيل. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٢٢٦﴾

فصل


قال القرطبى :
واختلف العلماء في تأويل قوله تعالى :"وَاللاَّتِي" وقوله :"وَاللَّذَانِ" فقال مجاهد وغيره : الآية الأُولى في النساء عامّة محصناتٍ وغير محصناتٍ، والآية الثانية في الرجال خاصة.
وبيّن لفظ التثنية صنفي الرجال من أحْصَن ومن لم يُحصن ؛ فعقوبة النساء الحبسُ، وعقوبة الرجال الأذَى.


الصفحة التالية
Icon