قوله تعالى ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (٢٨)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان الميل متعباً لمرتكبه أخبرهم أن علة بيانه للهداية وإرادته التوبة الرفق بهم فقال :﴿يريد الله﴾ أي وهو الذي له الجلال والجمال وجميع العظمة والكمال ﴿أن يخفف عنكم﴾ أي يفعل في هذا البيان وهذه الأحكام فعل من يريد ذلك، فيضع عنكم الآصار التي كانت على من كان قبلكم الحاملة على الميل، ويرخص لكم في بعض الأشياء كنكاح الأمة - على ما تقدم، ودل على علة ذلك بالواو العاطفة ؛ لأنكم خلقتم ضعفاء يشق عليكم الثقل ﴿وخلق الإنسان﴾ أي الذي أنتم بعضه ﴿ضعيفاً﴾ مبناه الحاجة، فهو لا يصبر عن النكاح ولا غيره من الشهوات، ولا يقوى على فعل شيء إلا بتأييد منه سبحانه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٢٤٥﴾
فصل
قال الفخر :
في التخفيف قولان :
الأول : المراد منه إباحة نكاح الأمة عند الضرورة وهو قول مجاهد ومقاتل، والباقون قالوا : هذا عام في كل أحكام الشرع، وفي جميع ما يسره لنا وسهله علينا، إحسانا منه إلينا، ولم يثقل التكليف علينا كما ثقل على بني إسرائيل، ونظيره قوله تعالى :﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ والاغلال التى كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ [ الأعراف : ١٥٧ ] وقوله :﴿يُرِيدُ الله بِكُمُ اليسر وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العسر﴾ [ البقرة : ١٨٥ ] وقوله :﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِى الدين مِنْ حَرَجٍ﴾ [ الحج : ٧٨ ] وقوله عليه الصلاة والسلام :" جئتكم بالحنيفية السهلة السمحة ". أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٥٥﴾
فصل
قال الفخر :
قال القاضي : هذا يدل على أن فعل العبد غير مخلوق لله تعالى، إذ لو كان كذلك فالكافر يخلق فيه الكفر، ثم يقول له : لا تكفر، فهذا أعظم وجوه التثقيل، ولا يخلق فيه الإيمان، ولا قدرة للعبد على خلق الايمان.
ثم يقول له : آمن، وهذا أعظم وجوه التثقيل.