قوله تعالى ﴿ فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (٥٥)﴾

فصل


قال البقاعى :
﴿فمنهم﴾ أي من آل إبراهيم ﴿من آمن به﴾ وهم أغلب العرب ﴿ومنهم من صد عنه﴾ أي أعرض بنفسه، وصد غيره كبني إسرائيل وبعض العرب.
ولما كان قد علم من السياق أن الطاعن فيه ميت بحسده من غير أن يضره بأمر دنيوي، وكان التقدير لبيان أمرهم في الآخرة : فحكمنا أن تسعر بهم النار بعد الذل في هذه الدار والهوان والصغار، عطف عليه قوله :﴿وكفى بجهنم سعيراً﴾ أي توقداً والتهاباً في غاية الإحراق والعسر والإسراع إلى الأذى، وفي آية الطاغوت أنهم سمحوا ببدل الدين - وهو لا أعز منه عند الإنسان - في شهادتهم للكفرة بالهداية، وفي آية الملك الإيماء إلى أنهم في الحضيض من الشح بالخسيس الفاني، وفي آية الحسد أنه لم يكفهم التوطن في حضيض الشح بما أوتوا مع الغنى حتى سفلوا عنه إلى أدنى من ذلك بالحسد لمن آتاه الله ما لا ينقصهم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٢٦٩﴾

فصل


قال الفخر :
اختلفوا في معنى "به" فقال بعضهم : بمحمد عليه الصلاة والسلام، والمراد أن هؤلاء القوم الذين أوتوا نصيبا من الكتاب آمن بعضهم وبقي بعضهم على الكفر والانكار.
وقال آخرون : المراد من تقدم من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
والمعنى أن أولئك الأنبياء مع ما خصصتهم به من النبوة والملك جرت عادة أممهم فيهم أن بعضهم آمن به وبعضهم بقوا على الكفر، فأنت يا محمد لا تتعجب مما عليه هؤلاء القوم، فإن أحوال جميع الأمم مع جميع الأنبياء هكذا كانت، وذلك تسلية من الله ليكون أشد صبرا على ما ينال من قبلهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٠٧﴾


الصفحة التالية