قوله تعالى ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (٨٦) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما ذكر سبحانه وتعالى جزاء المطيعين المبادرين إلى الإذعان ترغيباً، ذكر جزاء من لم يفعل فعلهم ترهيباً فقال :﴿والذين كفروا﴾ أي ستروا ما أوضحته له عقولهم من الدلالة على صحة ما دعتهم إليه الرسل ﴿وكذبوا﴾ أي عناداً ﴿بآياتنا﴾ أي بالعلامات المضافة لعظمها إلينا ﴿أولئك﴾ أي البعداء من الرحمة ﴿أصحاب الجحيم﴾ أي الذين لا ينفكون عنها، لا غيرهم من العصاة المؤمنين وإن كثرت كبائرهم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٥٢٥﴾

فصل


قال الفخر :
﴿أولئك أصحاب الجحيم﴾ يفيد الحصر، أي أولئك أصحاب الجحيم لا غيرهم، والمصاحب للشيء هو الملازم له الذي لا ينفك عنه، فهذا يقتضي تخصيص هذا الدوام بالكفار، فصارت هذه الآية من هذين الوجهين من أقوى الدلائل على أن الخلود في النار لا يحصل للمؤمن الفاسق. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٥٨﴾
وقال القرطبى :
﴿ والذين كَفَرُواْ ﴾ من اليهود والنّصارى ومن المشرِكين ﴿ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أولئك أَصْحَابُ الجحيم ﴾ والجحيم النار الشديدة الاتقاد.
يقال : جَحَم فلان النار إذا شدّد إيقادها.
ويقال أيضاً لِعَين الأسد : جَحْمَة ؛ لشدّة اتقادها.
ويقال ذلك للحرب قال الشاعر :
والحربُ لا يَبقى لجا...
حِمها التّخيل والمِراحْ
إلاّ الفتى الصَّبَّار في...
النّجدات والفَرس الوَقاحْ. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
وقال الخازن :
﴿ والذين كفروا وكذبوا بآياتنا ﴾ لما ذكر الله عز وجل الوعد لمؤمني أهل الكتاب وما أعد لهم من الجنات ذكر الوعيد لمن أقام منهم على كفره وتكذيبه وأطلق القول بذلك ليكون هذا الوعيد لهم ولمن جرى مجراهم في الكفر والتكذيب فقال والذين كفروا وكذبوا بآياتنا ﴿ أولئك أصحاب الجحيم ﴾. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon