قوله تعالى ﴿ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (١١١) ﴾
" فصل "
قال البقاعى :
﴿وإذ أوحيت﴾ أي بإلهام باطناً وبإيصال الأوامر على لسانك ظاهراً ﴿إلى الحواريين﴾ أي الأنصار ﴿أن آمنوا بي وبرسولي﴾ أي الذي أمرته بالإبلاغ يعني إبلاغ الناس ما آمرهم به، ثم استأنف مبيناً لسرعة أجابتهم لجعله محبباً إليهم مطاعاً فيهم بقوله :﴿قالوا آمنا ﴾.
ولما كان الإيمان باطناً فلا بد في إثباته من دليل ظاهر، وكان في سياق عدّ النعم والطواعية لوحي الملك الأعظم دلوا عليه بتمام الانقياد، ناسب المقام زيادة التأكيد بإثبات النون الثالثة في قولهم :﴿واشهد بأننا﴾ بخلاف آل عمران ﴿مسلمون﴾ أي منقادون أتم انقياد، فلا اختيار لنا إلا ما تأمرنا به، وانظر ما أنسب إعادة " إذ " عند التذكير بروح كامل حساً أو معنى وحذفها عند الناقص، فأثبتها عند التأييد بها في أصل الخلق وفي الكمال الموجب للحياة الأبدية وفي تعليم الكتاب وما بعده المفيض لحياة الأبد على كل من تخلّق بأخلاقه وفي خلق الطير وهو ظاهر وهكذا إلى الآخر.