قوله تعالى ﴿ قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (٥٨) ﴾
" فصل "
قال البقاعى :
﴿قل لو أن عندي﴾ أي على سبيل الفرض ﴿ما تستعجلون به﴾ أي من العذاب ﴿لقضي﴾ وبناه للمفعول لأن المخوف إنما هو الإهلاك، لا كونه من معين ﴿الأمر بيني وبينكم﴾ أي فكنت أهلك من خالفني غضباً لربي بما ظهر لي منه من التكبر عليه، وقد يكون فيهم مَنْ كُتِبَ في ديوان السعداء، لكنه لم يكن الأمر إليّ لأني لا أعلم الظالم عند الله من غيره، فليس الأمر إلا إلى الله، لأنه أعلم بالمنصفين فينجيهم ﴿والله﴾ أي الذي له الكمال كله ﴿أعلم بالظالمين﴾ أي المكتوبين في ديوان الظلمة فيهلكهم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٦٤٦﴾
فصل
قال الفخر :
اعلم أن المعنى ﴿لَّوْ أَنَّ عِندِى﴾ أي في قدرتي وإمكاني ﴿مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ﴾ من العذاب ﴿لَقُضِىَ الأمر بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ﴾ لأهلكتكم عاجلاً غضباً لربي، واقتصاصاً من تكذيبكم به.
ولتخلصت سريعاً ﴿والله أَعْلَمُ بالظالمين﴾ وبما يجب في الحكمة من وقت عقابهم ومقداره، والمعنى : إني لا أعلم وقت عقوبة الظالمين.
والله تعالى يعلم ذلك فهو يؤخره إلى وقته، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٨﴾
وقال أبو حيان :
﴿ قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر بيني وبينكم ﴾ أي لو كان في قدرتي الوصول إلى ما تستعجلون به من اقتراح الآيات أو من حلول العذاب لبادرت إليه ووقع الانفصال بيني وبينكم.
وروي عن عكرمة في ﴿ لقضي الأمر بيني وبينكم ﴾ أي لقامت القيامة وما روي عن ابن جريج من أن المعنى لذبح الموت لا يصح ولا له هنا معنى.
وقال الزمخشري و﴿ ما تستعجلون به ﴾ من العذاب لأهلكنكم عاجلاً غضباً لربي وامتعاضاً من تكذيبكم به ولتخلصت منكم سريعاً ؛ انتهى.
وهو قول ابن عباس لم أمهلكم ساعة ولأهلكنكم.
﴿ والله أعلم بالظالمين ﴾ الظاهر أن المعنى والله أعلم بكم فوضع الظاهر المشعر بوصفهم بالظلم موضع المضمر ومعنى ﴿ أعلم ﴾ بهم أي بمجازاتهم ففيه وعيد وتهديد.
وقيل : بتوقيت عقابهم وقيل : بما آل أمرهم من هداية بعض واستمرار بعض.
وقيل : بمن ينبغي أن يؤخذ وبمن يمهل.
وقيل : بما تقتضيه الحكمة من عذابهم. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾