قوله تعالى ﴿ وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (٦٦) ﴾
" فصل "
قال البقاعى :
﴿و﴾ الحال أنه ﴿كذب به﴾ أي هذا العذاب أو القرآن المشتمل على الوعد والوعيد والأسباب المبينة للخلق جميع ما ينفعهم ليلزموه وما يضرهم ليحذروه ﴿قومك﴾ أي الذين من حقهم أن يقوموا بجميع أمرك ويسروا بسيادتك، فإن القبيلة إذا ساد أحدها عزت به، فإن عزه عزها وشرفه شرفها، ولا سيما إذا كان من بيت الشرف ومعدن السيادة، وإذا سفل أحدها اهتمت به غاية الاهتمام وسترت عيوبه مهما أمكنها فإن عاره لاحق بها، فهو من عظيم التوبيخ لهم ودقيق التقريع، وزاد ذلك بقوله :﴿وهو﴾ أي والحال أنه ﴿الحق﴾ أي الثابت الذي لا يضره التكذيب به ولا يمكن زواله.
ولما كان الإنسان ربما حصل له اللوم بسبب قومه كان ﷺ في هذا المقام بمعرض أن يخاف عاقبة ذلك ويقول : فماذا أصنع بهم؟ فقال تعالى معلماً أنه ليس عليه بأس من تكذيبهم :﴿قل لست﴾ وقدم الجار والمجرور للاهتمام به معبراً بالأداة الدالة على القهر والغلبة فقال :﴿عليكم بوكيل﴾ أي حفيظ ورقيب لأقهركم على الرد عما أنتم فيه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٦٥١ ـ ٦٥٢﴾
فصل
قال الفخر :
الضمير في قوله :﴿وَكَذَّبَ بِهِ﴾ إلى ماذا يرجع فيه أقوال : الأول : أنه راجع إلى العذاب المذكور في الآية السابقة ﴿وَهُوَ الحق﴾ أي لا بد وأن ينزل بهم.
الثاني : الضمير في "به" للقرآن وهو الحق أي في كونه كتاباً منزلاً من عند الله.
الثالث : يعود إلى تصريف الآيات وهو الحق لأنهم كذبوا كون هذه الأشياء دلالات، ثم قال :﴿قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ﴾ أي لست عليكم بحافظ حتى أجازيكم على تكذيبكم وإعراضكم عن قبول الدلائل.
إنما أنا منذر والله هو المجازي لكم بأعمالكم قال ابن عباس والمفسرون : نسختها آية القتال وهو بعيد. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٢٠ ـ ٢١﴾