قوله تعالى ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٦٨) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما أمره بما يقول جواباً لتكذيبهم، تقدم إليه فيما يفعل وقت خوضهم في التكذيب فقال :﴿وإذا رأيت﴾ خاطب النبي ﷺ والمراد غيره ليكون أردع ﴿الذين يخوضون﴾ أي يتكلمون ﴿في آياتنا﴾ أي بغير تأمل ولا بصيرة بل طوع الهوى، كما يفعل خائض الماء في وضعه لرجله على غير بصيرة لستر مواضع الخُطا وبغير تمام الاختيار لغلبة الماء ﴿فأعرض عنهم﴾ بترك المجالسة أو ما يقوم مقامها ؛ ولما كان الخوض في الآيات دالاً على قلة العقل قال :﴿حتى يخوضوا في حديث غيره﴾ فحكم على حديثهم فيما سوى ذلك أيضاً بالخوض، لأن فيه الغث والسمين، لأنه غير مقيد بنظام الشرع.
ولما كان الله تعالى - وله الحمد - قد رفع حكم النسيان عن هذه الأمة، قال مؤكداً :﴿وإما ينسينك الشيطان﴾ أي إنساء عظيماً إشارة إلى أن مثل هذا الأمر جدير بأن لا ينسى ﴿فلا تقعد بعد الذكرى﴾ أي التذكر لهذا النهي ﴿مع القوم الظالمين﴾ أظهر موضع الإضمار تعميماً ودلالة على الوصف الذي هو سبب الخوض، وهو الكون في الظلام. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٦٥٢ ـ ٦٥٣﴾
وقال الفخر :
اعلم أنه تعالى قال في الآية الأولى :﴿وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الحق قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ﴾ فبين به أن الذين يكذبون بهذا الدين فإنه لا يجب على الرسول أن يلازمهم وأن يكون حفيظاً عليهم ثم بين في هذه الآية أن أولئك المكذبين إن ضموا إلى كفرهم وتكذيبهم الاستهزاء بالدين والطعن في الرسول فإنه يجب الاحتراز عن مقارنتهم وترك مجالستهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٢١﴾
فصل
قال الفخر :
قوله :﴿وَإِذَا رَأَيْتَ﴾ قيل إنه خطاب للنبي ﷺ والمراد غيره، وقيل : الخطاب لغيره أي إذا رأيت أيها السامع الذين يخوضون في آياتنا.