قوله تعالى ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (٧٣) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كانوا بعبادة غيره تعالى - مع إقرارهم بأنه هو خالق السماوات والأرض - في حال من يعتقد أن ذلك الذي يعبدونه من دونه هو الذي خلقهما، أو شاركاً فيهما.
فلا قدرة لغيره على حشر من في مملكته، قال تعالى منبهاً لهم من غفلتهم وموقظاً من رقدتهم معيداً الدليل الذي ذكره أول السورة على وجه آخر :﴿وهو﴾ أي وحده ﴿الذي خلق﴾ أي أوجد واخترع وقدر ﴿السماوات والأرض﴾ أي على عظمهما وفوت ما فيهما من الحكم والمنافع الحصر ﴿بالحق﴾ أي بسبب إقامة الحق، وأنتم ترون أنه غير قائم في هذه الدار ولا هو قريب من القيام، فوجب على كل من يعلم أن الله حكيم خبير أن يعتقد أنه لا بد من بعثة العباد بعد موتهم - كما وعد بذلك - ليظهر العدل بينهم، فيبطل كل باطل ويحق كل حق، ويظهر الحكم لجميع الخلق.
ولما قرر أن إقامة الحق هي المراد، قرر قدرته عليها بقوله :﴿ويوم يقول﴾ أي للخلق ولكل شيء يريده في هذه الدار وتلك الدار ﴿كن فيكون﴾ أي فهو يكون لا يتخلف أصلاً.